خالد بن عبدالكريم الجاسر
كلمة تاريخية ألجمت أفواه المغرضين، جعل منها الرئيس بايدن نقاطاً وضعتهم على الحروف، لأنهم لا يريدون للمملكة الحضور الفاعل عالمياً، كونها الدولة العربية المؤثرة اقتصادياً وبالتالي سياسياً في القرار الدولي، كما رأينا في قيادتها لمجموعة العشرين، فـ»ثبات المبادئ» و»استدامة التطوير»، و»توسع أفق الإصلاح» و»القوة العسكرية المتنامية»، و»القوة الاقتصادية» وصولاً لـ»رعاية الإنسانية والسلام الإسلامي والعربي والدولي.. ست ركائز تدحض أي محاولة يبسطها البعض ممن لا يريدون إنصاف السعودية بأنها قد لا تكون!؛ ولكن يمكن أن نسوق هنا مقاربة عميقة تحددها التحركات من كلا الجانبين لتحديد أهم محاور عمق قوة السياسية السعودية في النظام العالمي، والممتدة لأكثر من سبعة عقود. فمثلاً: زيارة وفد عسكري أميركي لعدد من مواقع المملكة بالداخل وعلى البحر الأحمر، تصورها المغرضون أنها لمُحاصرة الرياض، لكنها حُجة يُثبتها توقيت المناورات العسكرية المشتركة الحالي، وأن أولوية السياسة الأميركية العليا، هي مُنافسة الصين، والطاقة، والتسلح النووي، والإرهاب... وجميعها مجالات تتطلب التعاون إقليمياً مع دولة بحجم وقوة السعودية، ليكون الرد قاسياً بكلمة بايدن نفسه للرد على من يعتقد أن العلاقة السعودية الأميركية ستنحدر بتسلُم جو بايدن الرئاسة، بل وتؤكد التزام الولايات المتحدة بالعمل مع «الأصدقاء والحلفاء لحل النزاعات»، هذه هي الاعتبارات الحقيقية المحركة للعلاقة، وليست الخلافات الإعلامية والتصريحات المقتبسة للمسؤولين الأميركيين والتي يروج لها الإعلام المُعادي.
وعندما نتأمل الواقع السياسي الداخلي للسعودية بداية من وحدة المواطنة، وإنسانيتها وحربها ضد التطرف، قد جعل من السعوديين شعباً عظيماً، يستمتعون برفاهية هي أكبر بكثير من تلك التي عرفها شعباً بدولة مُتقدمة، لذا نجد كل ذلك مفتاح الشفرة الحالمة للمملكة لقوة سياستها التي أبهرت العالم بقيادتها في أحلك الظروف ومع كورونا، فلا يمكن لأي دولة في العالم أن تقفز فوق «الاعتبار المُستحق» للمملكة كرقم صعب في الشرق الأوسط خاصة، وفي العالم عامةً، بعدما رسخت حضورها عالمياً خلال العِقد الأخير وأهمها الوجود القوي ضمن «G20»، هذا بالإضافة لمحورية الدور السعودي المؤثر في تشكيل ودعم قرارات عالمية ودولية، ولعل آخرها إشراكها في مصير السلاح النووي الإيراني.
لذا كان الترحيب السعودي بقرار بايدن، سبيلاً لموقفها الثابت من قبله في «دعم التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية»، بدليل تقديمها عدداً من الخطوات المهمة لتعزيز فرص التقدم في المسار السياسي، بما في ذلك إعلان التحالف وقف إطلاق النار بشكل أحادي استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، للعبور باليمن الشقيق نحو الاستقرار والنماء، وصولاً لتأكيد تطلعها لـ»استمرار وتعزيز التعاون والتنسيق مع أميركا وغيرها للتعامل مع التحديات في المنطقة بما في ذلك الدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط» وغيرها من مواقع الصراع التي نزفت فيه دولنا العربية دماءً في تحرير الكويت ومحاربة القاعدة، بما في ذلك حوثي اليمن المدعوم من إيران، وداعش في سوريا، ليستمر التحالف السعودي الأمريكي كجزء لا يتجزأ للقضاء على الإرهاب الدولي والعدو المُشترك.