حمد بن عبدالله القاضي
بعض الناس يصدر حكماً على الجميع.
فمثلاً في قضايا الفساد حين يُعلن عن فاسدين من مسؤولين أو أمراء أو قضاة أو موظفين بقطاع خاص أو عام أو رجال أعمال أو عسكريين فإنه من الخطأ الكبير سحب الفساد على كل أمير أو مسؤول أو قاضٍ أو رجل أعمال أو عسكري.
* * *
الفساد استثناء من الملايين حافظي الأمانة بالوطن والمجتمع.
الخطأ يتجه للمخطئ بذاته والنقد يجب أن يتوجه لهذا المذنب تماماً كما أن العقاب يخصه دون غيره.
خالق البشر يقول {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ} والحكمة تقول «التعميم لغة الحمقى»!
* * *
حين يخطئ أمرؤ من قبيلة فلا يعني ذلك أن كل أفرادها سيئون!
وكذا حين يشذّ فرد من أي بلد أو مدينة أو مجتمع أو أسرة أو مؤسسة عامة أو خاصة فالخطأ يتَّجه للشخص فقط ولا يذهب لكلّ أبناء المجتمع أو البلد أو القبيلة أو المؤسسة أو الأسرة.
* * *
بل إننا نرى بالأُسر الكريمة أنه قد يشذ فرد منها بسلوك غير قويم أو اعتداء على العام فالعدل والحق أن نلوم الفرد ذاته لا أسرته
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
* * *
والحكيم الشاعر قال منذ مئات السنين:
«وإن تكُنْ جمعتكم أسرتكم شرف
فليس في كل عود ريحة العود»
لنوقن ونعلّم الأجيال أن:
الخطأ استثناء.
* * *
=2=
بين جحود الأدنى واقتراب الأبعد!
* قال لي:
لقد خذلني أعزة عليّ.
وابتعد من كنت أخالهم من أقرب الناس في وقت كنت فيه أكثر احتياجاً إلى اقترابهم، ووقوفهم..!
وأضاف: لقد وقف معي أصدقاء كنت أظنهم في هامش العلاقة لا متنها.
* قلت له:
لا تتألم من هذا الجحود.
لكن خذ العبرة في قادم الأيام.. وها أنت حين ابتعد عنك من كنت تخالهم من أوفى الأصدقاء اقترب منك أصدقاء آخرون ظننتهم بعيدين لكن كان الوفاء شيمتهم، {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.
* * *
=3=
آخر الجداول
للشاعر الأحسائي على بن المقرّب الذي عرك الدنيا وعانى من بعض البشر:
إذا خانك الأدنى الذي أنت حزبه
فلا عجباً أن سالمتك الأباعد
ولا تحسبنْ كلّ المياه نقيةً
يبلّ الصدا منها وتُوكا المزاود
فبتّ حبالَ الوصل ممن تودّه
إذا لم يُردْ كلّ الذي أنت وارد