منال الحصيني
وقفت متذكرة ومتأملة فصول أعوام ما مضى من حياتي كأوراق مخضبة بقطرات الحبر وكرسوم مبعثرة مملوءة خطوطاً وألواناً متباينة متناسقة فيها أفكاري وأحلامي، ألقيتها في ثنايا قلبي كما يلقي المزارع البذور بين ثنايا التراب ويعود إلى بيته راجياً أيام الحصاد.
والآن وقد بلغت من العمر ما بلغت، أقف وأنظر إلى الوجود من خلال نافذتي فتراءى لي الماضي وبان في ناظري المستقبل.
أرى وجوه الناس وأسمع أصواتهم وأشعر بهم.
فالناس في شرعي ثلاثة.
ذلك يلعن الحياة وآخر يحبها وثالث يتأملها.
فهل أحب الأول لتعاسته أم الثاني لسماحته أو لربما الثالث لمداركه.
من خلال نافذتي بقيت أتأملها جميعاً وأيقنت أن الحياة تسير بناموس واحد لاحد له خاضع لشرع كلّي ليس لبدايته ابتداء ولا لنهايته انتهاءً.
هل نسير بسرعة مع تيار نهر الحياة، أم نجلس على شاطئها.
نحن سائرون إلى حيث لا ندري.
هل نقف في النور المظلم أم نجلس في الظلمة المنيرة.
جميعنا يبحث عن السعاده لكنها صبيّة تولد وتحيا في أعماق القلب.
أجد الأمل في الحياة فهي لنا أما ونحن لها ابنا.
فهلا رفعتينا إليك أيتها الحياة وأجلستينا على منكبيك ثم لمست بأناملك أفكارنا فتدفقت تلك الأحلام نهراً يجرف عقبات الأمل.
لكني نسيت إن أنسى.
إن الحياة امرأة ترتدي الأيام البيضاء المبطنة بالليالي السوداء.