ليالي السبيعي
ذلك الباب الموصد في وجوه العابرين.. كثيراً ما لفت انتباهنا عندما كنت أنا وعبير نحتسي قهوة الصباح..
ابتدأنا صباحنا بالقهوة واللقطات العفوية الجميلة من عدسة مخرجتنا الرائعة ريف، والحديث عن ذلك الباب المركون في زاوية ذلك المقهى.. على جمال ذلك الباب إلى أنه يوحي بالكثير من الأحاديث والحكايات المدفونة خلفة وكأنه يستجدي العابرين للالتفات إليه.. ومن هذا المنطلق ومن هذا الباب كان منطلق حديثي هذا الصباح.
يا سادة..
لا تفتحوا الأبواب التي أغلقت في وجوهكم من قبل أصحابها.. ففي حياتنا الكثير من الأحداث التي نمر بها.. نحن لم نختر الأشخاص الذين نتعامل معهم ونعيش معهم..
والمؤكد أني كغيري من البشر.. لم أخطط بوعي خصوصاً عند الوهلة الأولى في لقائي أو تعاملي مع الأشخاص، هي نتائج صدف تمليها علينا الظروف التي نشؤوا فيها وتحيط بهم وتدفعهم إلى التعامل معنا.. ولولا سنة الحياة وكونيتها وأننا أحياناً مجبرون على التعامل مع الأشخاص لما تعلمنا ولما أوصدت تلك الأبواب في وجوهنا..
كثيراً ما كنت أحرص على طريقة حديثي مع الآخرين.. وأن يكون نتاج الحديث جميلاً ومؤثراً بلا تكلف أو مراجعات لسانية للغتي وحروفي.. لكننا مهما حرصنا كل الحرص على انتقاء الأرواح التي نتحادث معها لابد أن يمر في حياتك شخص يفهمك بطريقته الخاصة، ويعاملك بطريقته الخاصة، وقد يُوصد الباب في وجهك بلا سبب أو وجه حق.
نحن لا نملك الدخول في أرواح الأشخاص وعقولهم حتى نتحاشى هذا الواقع السيئ الذي لا نستحقه لكن لدينا القدرة على تجاوز تلك المرحلة. كيف ذلك؟.
أولاً: عندما يُوصد الباب في وجهك بلا سبب معين أو وجه حق.. لا تحاول أبداً فتح الباب أو حتى العودة للخلف مع هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص، لأنه لو كان يرغب في بقائك بالقرب ما أغلق باب وجودك في محيطه أو حتى حياته.
ثانياً: نحن في زمن كثرت فيه العلاقة المشوبة بالأقنعة.. لا بد أن نضع ضمن احتمالاتنا مع الآخرين أن هذه العلاقة قد تُغلق في أي وقت وبلا سبب.. وإن كثر العتاب والنقاش لن تجدي نفعاً مع هذه العينة من البشر.
ثالثاً: حتى وإن كان لديك الخبرة الكثيرة في قراءة الوجوه والايحاءات للآخرين، والتي تساعدك على التواصل مع الأشخاص بالطريقة التي يرغبونها.
ابق كما أنت وكما وهبك الله من السجية والفطرة الحسنة وتعامل بطبيعتك التي وهبها الله لك... ولا تحاول تغيير نفسك لما يرغبون لأن هذا التغيير قد يغيرك أنت وتصبح عالة على نفسك وعبئاً على غيرك.
رابعاً وأخيراً: وخلاصة كلماتي.. لا يجب علينا أبداً فتح تلك الأبواب أو حتى محاولة الحنين إليها ولنكتفي بقول (لو كان خيراً لبقي).