أحمد المغلوث
من المفارقات الغريبة أن يدرك المواطن والمقيم الأخطار التي تدمر صحته، وتقضي ربما على حياته، ومع ذلك يستمر في التعايش مع هذه الأخطار متهاونًا مع الاحترازات والإجراءات المختلفة التي حرضت الدولة - حفظها الله - على أن تطبقها بصورة شاملة وفاعلة في كل مكان من أجل صحة الجميع. ولا شك أن معظم البشر في كل مكان من عالمنا الواسع باتوا يعانون من تداعيات وباء كوفيد 19، وكذلك المتحور الجديد، سواء كانوا متعلمين أو أميين، ويدركون أخطار هذا الوباء القاتل، ومع ذلك تستمر أعداد كبيرة منهم في ممارسة عاداتهم رغم الوعي الكامل بأضرار هذه الممارسات صحيًّا واجتماعيًّا ووطنيًّا.. فاستهتار البعض من المواطنين والمقيمين، وضربهم بعرض الحائط كل القرارات والإجراءات، يجعلانهم يساهمون في عودة ارتفاع أعداد المصابين، خاصة بين كبار السن. وإذا كان الوباء - ولله الحمد - قد تراجع في وطننا بصورة فاعلة - بفضل الله، ثم باهتمام قيادتنا الموقرة وأجهزتها المختلفة والمعنية بمتابعة الالتزام بالإجراءات الاحترازية من داخلية وصحة وأمانات وبلديات وأجهزة وإدارات أخرى - إلا أننا نجد هناك من (يطنش) ويتهاون بصورة مخيفة؛ فهو يضع الكمامة تحت أنفه، بل يدخل حتى داخل غرف بيته بحذائه الذي قد يكون حاملاً الفيروس المميت. وصورته بهذه الحالة تساهم في تقليده من أهل بيته ومن يعيشون معه في المكان نفسه من عماله.. بل انتشرت ظاهرة «تكدس» العمالة أمام المساجد، خاصة خلال صلاة الجمعة، وتجمهرهم للتسوق من خلال بسطات الباعة الذين يفترشون الساحات أمام الجوامع.. بل هناك من المصلين مَن يحضرون للصلاة بدون سجاداتهم الخاصة متجاوزين التعليمات المختلفة. مثل هذه السلبيات والمخالفات ساهمت في ارتفاع أعداد المصابين في دول مجاورة، وارتفاع نسبة الإصابات مؤخرًا في وطننا الحبيب كما رصدتها وزارة الصحة.
وجاء تطبيق «توكلنا» الذي حقق خلال أيام معدودة أرقامًا تتجاوز 8 ملايين مستخدم من مواطنين ومقيمين بصورة أكدت أنه حقق انتشارًا كبيرًا بين مستخدميه نظرًا لتميزه وشموليته العديد من الخدمات التي يحتاج إليها كل مواطن ومقيم في الوطن، بل إنه بات أشبه بالبطاقة الوطنية الشاملة والمتكاملة التي ترفد جهود الدولة في التيسير على الجميع. ومن يحمل هذا التطبيق المتميز كمن يحمل سجله الوطني في جيبه، بما يشتمل عليه من معلومات مهمة وضرورية.
وماذا بعد؟.. لقد بذلت الدولة جهودًا جبارة تُذكر فتُشكر في مكافحة الوباء، وعلى الجميع من مواطنين ومقيمين أن يبذلوا هم أيضًا جهودًا من أجل صحتهم وسلامتهم وأسرهم؛ فهذا الوباء الفتاك أكدت مختلف الدراسات العلمية والطبية في المراكز البحثية في العديد من دول العالم أنه لا يزال يشكل خطرًا مميتًا في حالة عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، بل إنه المسؤول الأول عن الوفيات في العالم؛ إذ تجاوزت أعداد الوفيات حاجز المليونين، وهو ما يفوق عدد الوفيات الناتجة من أمراض الإيدز والملاريا والكوليرا والإنفلونزا بأنواعها مجتمعة في الفترة نفسها. اللهم احفظنا، وعليك اعتمدنا.