سهوب بغدادي
فيما تواصل دول الخليج تسجيل حالات إصابات متزايدة بفيروس كورونا المستجد، وسط تشديد الرقابة في الآونة الأخيرة على الالتزام بالإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية، بتكثيف الحملات الرقابية، فضلاً عن تطبيق العقوبات على المخالفين سواء من فئة الأفراد أو الجهات المقدمة للخدمات. يتساءل البعض ما إذا كان في الإمكان أن نتلافى العواقب التي نعلمها جميعاً، ألا وهي «منع التجول»، حيث ما زالت أغلب الدول تطبق هذا الإجراء منذ بداية الجائحة، فلقد كنا محظوظين حقاً بالتقدم الذي شهدناه في جميع النطاقات بالتزامن مع عودة الحياة الطبيعية، إلا أن تجاهل أو محاولة نسيان المشكلة لم يخدمنا، فأغلب الأعذار بأن الملل تسلل إلى النفوس إلى درجة تفوق المقدرة، أو باتباع سياسة خليها على الله وربك الحامي -ونعم بالله- وذلك من حسن التوكل على الله، إلا أن الأخذ بالأسباب أمر منوط بالتوكل على الخالق جل جلاله. ومن هنا، آمل أن نحول هذه الأيام إلى نقطة تحول في منحنى الإصابات ونظرة مجتمع أكثر وعياً من حيث مشاركته في عملية مكافحة العدوى والحفاظ على الصحة في محيطه، ما زال لدينا وقت وإن كان بضعة أيام للبت في قرار العودة إلى الحياة بشكلها المعتاد أم العكس، وفي حال الالتزام ستكون الأمور على ما يرام مجدداً. من خلال الأزمة تيقنا أن الخلل ليس في مقدار الوعي العام بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية بل في تطبيقها والمسؤولية الفردية التي تدفع الشخص إلى عمل الصواب. فرأينا للأسف ممارسات غير جيدة، من أبرزها التجمعات على الواجهات البحرية في عدد من مدن ومحافظات المملكة بعد إعلان الجهات المعنية عن إغلاق الأنشطة والمطاعم والمقاهي لمنع التجمعات، علاوة على استمرار التجمعات في المنازل، ويسعدني في هذا الموطن أن أذكر لكم إحدى الطرائف بين مجموعة من الأصدقاء الذين اعتادوا الاجتماع مرة كل شهرين أو أكثر، فبمجرد بدء الجائحة، تقاربت اجتماعاتهم إلى مرة كل أسبوع، فهل تعد ردة فعل عكسية أو حالة من إنكار الواقع؟. حقاً، قد يخفف التحايل قليلاً من الملل اللحظي ولكن سيتبعه فترات أطول من منع التجول ورمضان آخر مشابه للأسبق. للأسف، هل وصلنا إلى تلك المرحلة من الملل الذي يدفعنا إلى نقطة اللا مبالاة؟ أتمنى أن نستدرك ما يمكن الحفاظ عليه. في الوقت الذي أعلنت بعض الدول نشوء مناعة القطيع أو المناعة الجماعية (herd immunity) ضد فيروس كورونا، حيث تصل المجتعات إلى المناعة الجماعية ضد وباء معين، إما عن طريق اللقاحات التي تم تطويرها خصيصاً للوباء، أو بإصابة عدد كبير من الأفراد به ونشوء مناعة ذاتية وأجسام مضادة تتعرف على الوباء. إلا أن الاعتماد على الإصابة بالفيروس والتعافي منه أمر غير مضمون وخطر جداً، باعتبار الخسائر البشرية التي سيخلفها على الفرد وأسرته المحيطة والمجتمع، فضلاً عن الخسائر الأخرى التي تنعكس تداعياتها على الاقتصاد، والسياسة، وما إلى ذلك. لذا يعد اللقاح الخيار الأمثل في هذه المرحلة لتخطي الأزمة بإذن الله الحفيظ. والالتزام بالخطوات المتعارف عليها لمنع تفشي الفيروس إلى مدى أبعد.