إنَّ التخطيط في الحياة صار من ضرورياتها ولوازمها، وهو من الأخذ بأسباب النجاح مع التوكل على الله -سبحانه وتعالى-. ومع التنامي والتطور والنمو الكبير لبلادنا فإن أعداد الشباب تزداد بمعدلات عالية، وتزداد مع هذه النسبة حاجات الشباب للدراسة ثم العمل. وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في أعداد الخريجين على مستوى البنين والبنات إلا أن القدرة الاستيعابية للجامعات لا تتوافق مع أعداد الخريجين والخريجات.
كما أن المراكز المنشأة كبدائل مساعدة للجامعات، من جامعات وكليات أهلية ومراكز خدمات المجتمع، هي الأخرى لن تسد الحاجة من حيث الأعداد المقدرة أولاً، ولا من حيث التخصصات الفنية التي ما زالت جهات العمل بحاجة إليها. وأضرب على ذلك مثلاً بالكوادر الفنية المؤهلة للأعمال الطبية المساعدة؛ فما زالت المستشفيات والمستوصفات والدور الصحية بحاجة لمتخصصين ومتخصصات، وما زالت البلاد بقطاعَيها العام والخاص تستقطب من هذه التخصصات عشرات الآلاف سنويًّا، في حين أن الجامعات ومراكز خدمة المجتمع والكليات الأهلية ما زالت غارقة في تخصصات تم الاكتفاء منها منذ سنوات عدة.
إنّ على الجهات المعنية وذات العلاقة تدارس حجم الخريجين ونسب البطالة وحاجة البلاد والتخطيط لتلافي اكتظاظ الجامعات والمراكز بتخصصات لم نعد بحاجة إليها، والالتفات للتخصصات الفنية والمهنية التي ما زالت بحاجة إلى أيدي السعوديين، ليس في المجال الطبي وخدماته فقط، الذي أوردته على سبيل المثال، بل في جميع المجالات الفنية والمهنية حتى نرى الشاب والفتاة من أبناء الوطن المؤهل والمدرب في المعمل والمصنع، في المكتب وفي الميدان، وفي جميع التخصصات؛ وهذا يحتاج إلى استراتيجية عاجلة، والعمل بها وفق مقتضى الحال.
والله من وراء القصد.