د.بكري معتوق عساس
ما نشاهده الآن من جدل حول فاعلية اللقاح الخاص (بكورونا)، والأعراض الجانبية له، ليس بجديد؛ فقد حدث الكثير من الجدل حول تطعيمات انتشار الأوبئة منذ ما يقرب من 80 عاماً، وقد تسبب هذا الجدل في خفض معدلات التحصين في بعض البلدان؛ وهو ما أدي إلى تفشي الأمراض والوفيات الناجمة عن أمراض يمكن الوقاية منها. وأشهر مثال على ذلك: الجدل الذي أُثير حول ما يسمى (التطعيم الثلاثي) الذي أسهم بشكل فاعل في رفع مستوى مناعة الأطفال ضدَّ الأمراض الثلاثة الخطيرة: الحصبة ومرض النكاف والحصبة الألمانية، بنسبة 98 %. وبعد مرور سنوات من استقرار الوسط الطبي على ضرورة هذا التطعيم وأهميته كتب الدكتور أندرو جيرمي، الباحث في المستشفى الملكي العام بلندن عام 1998م، بحثاً انتهى فيه إلى وجود علاقة ترابط جزئي بين التطعيم الثلاثي ومرض التوحد عند الأطفال!
حظي هذا البحث بصيت هائل، وانتشار عجيب، فنُشِرت التحقيقات الصحفية والحوارات. وقد أدت هذه الضجة إلى امتناع عدد كبير من الأسر عن تطعيم أولادهم.
ماذا كانت النتيجة؟!
ارتفعت نسبة الوفيات بهذه الأمراض الثلاثة بين الأطفال ارتفاعاً ملحوظاً! إضافةً إلى كم هائل من الإصابات المزمنة بين الأطفال البريطانيين! وبعد ست سنوات من هذا البحث نشرت الصانداي تايمز تحقيقاً موسعاً عن بحث الدكتور أندرو جيرمي، كشف عن وجود شبهة تقاطع مصالح مالية، وتلاعب بالنتائج، وتبيّن من خلاله أن الباحث زوَّر نتائجه لخدمة مصالح جهاتٍ معينةٍ، لم تقصر في (إكرامه) وإعطائه (المقابل المناسب)!
دفع هذا التحقيق العديد من الجهات الطبية والبحثية لإجراء بحوثها وتطبيقاتها، التي أظهرت نتائجها بصورة حتمية خلاف ما ادعاه الطبيب المذكور من وجود علاقة بين التطعيم الثلاثي ومرض التوحد لدى الأطفال، وتم التحقيق مع الباحث من قِبل المجلس الطبي البريطاني، وشُطِبَ اسمه من سجلات الممارسين الطبيين، ومُنع من ممارسة الطب نهائياً.
وُصفت هذه الدراسة التي أدت إلى كوارث بسبب امتناع شريحة من الآباء والأمهات عن تطعيم أولادهم بأنها (الكذبة الطبية الأكثر دماراً منذ مئة عام).
ما أردت إيضاحه هو التأكيد على حساسية الجدل والخلاف في مدى فاعلية التطعيمات التي جاءت من تجارب قام بها علماء في وقف انتشار الأوبئة، الذي ربما يترتب على ذلك الكثير من الوفيات؛ فيجب على كل فرد عدم التردد والمسارعة في أخذ اللقاح الذي يساعد على الحماية من خلال تكوين استجابة بالأجسام المضادة في الجسم دون الحاجة للإصابة بكوفيد-19، إضافة إلى حماية المحيطين بك من كوفيد-19، ولاسيما الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض شديد في حال إصابتهم بالمرض.
قال البروفيسور في كلية لندن للصحة مارتن هيرد: «وصل العالم لمستوى عالٍ جداً في تجارب اللقاحات، ومن المحبط أن يتم تجاهل ذلك».