لا يشعر بالألم إلا من يتألم ولا يشعر بحرارة النار إلا من أحرقته، هكذا قالوا في الأمثال الشعبية وهكذا هو الواقع الذي حدث لي عندما قدمت إلى استراحتي وإذا بالحرامي قد عاث بها فسادًا بعد أن انتهك ما حرم الله، وبعد تتبع وجدت أن الحرامي قد سرق من فرحت به في ليلة ولادته فلونه وجسمه وقوامه جميل من أجل ذلك اهتممت به وبتربيته على الغالي، فحرصت على أن يسكن لوحده مع أمه الجميلة أيضاً حتى يستمتع بالرضاعة الطبيعية بعيداً عن إزعاج الآخرين، وفِي كل يوم أراقبه واحتضنه وأراقب نموه يوماً بعد يوم فهو من أب أصيل مشهود له بالجمال والطول الفارع وأمه كذلك فاتنة القوام حتى أن عيونها واسعة عسلية، من أجل ذلك أقدم له ولأمه الأكل بنفسي رغم مشاغلي الكثيرة وذلك لكي يكبر على الاهتمام والدلال، فكان سريع النمو فكل يوم يزداد نموًا وجمالاً، واستمر الحال وشهر بعد شهر حتى كبر واشتد جسمه وصار في ريعان شبابه وأصبح ذا صوت جهوري لا يسكت فكان عند حسن الظن به، وأصبح الونيس بلعلعة صوته وخاصة عندما أذهب إلى الاستراحة ليلاً، وفِي يوم من الأيام. الفضيلة يوم الجمعة المباركة بليلها ونهارها أتى الحرامى مستغلاً الانشغال بالعبادة فلما شاهده أعجب به فهو جميل ومن جماله قفز الحرامي من مكان عالٍ من أجل أن يظفر به وفعلاً ولأنه ونيس ومحبوب ومتربٍ على الغالي والاهتمام استسلم للحرامي وخرج معه مكبلاً ومربوطاً من المكان العالي بدون مقاومة منه، ولخفته نقله الحرامي إلى المكان البعيد حيث يوقف سيارته وهناك أركبه في صندوق الوانيت وذهب به إلى مكان مجهول، ولما أتيت إلى المكان في عصر يوم الجمعة وإذا الكل خايف يترقب فأحسست أن أصواتهم غير طبيعية ويبدو عليها الحزن، ففكرت وشاهدت وإذا بالموقع غير طبيعي وبحثت عن كبيرهم الجميل فلم تقع عيني عليه، فعرفت أنه ذهب إلى غير رجعة في هذه الدنيا الفانية، فتتبعت الأثر وإذا به محمول من الموقع إلى مكان بعيد حيث تقف سيارة الحرامي، فتأثرت جداً لدرجة القهر ليس حزناً على (التيس)، بل قهراً على السرقة ليس على القيمة المادية فَلَو طلب الحرامي قيمته لوهبتها له مجاناً، لكن لانتهاك المكان والسرقة وزمانها يوم الجمعة الفضيل، ومع هذا الزعل تأملت عقوبة السرقة في الإسلام ولماذا شدد الإسلام على عقوبتها بقطع يد السارق حتى لو سرق السارق بيضة مثلاً، فليس الأثر المادي لوحده بل للأثر النفسي والمكاني للمسروق بتعدي السارق، ففيطبيق العقوبة حياة وأمن وأمان وحفاظ على الحقوق مهما كانت قيمتها. وبعد ذلك قالوا اشتكي للأمن والشرطة فتأتي بالسارق وتأخذ منه حقك المسروق وتعاقبه فقلت أعرف ذلك وأثق في الأمن وقدراتهم لكنني أحسست أنني قد أكون مفرطاً نوعاً ما فقلت إنني اشتكي وأرفع الأمر لله الواحد الأحد فمنه وإليه العوض، فهو الرزاق الحافظ ذو القوة المتين.
وبعدها قررت أن أستعين بالتقنية الحديثة في الموقع. وأقوم بتركيب كاميرات مراقبة، وذلك للحفظ والتصوير فالوقاية خير من العلاج، وأعقلها وتوكل وأستودع الله رزقه وأمانته.
** **
lewefe@hotmail.com