د. تنيضب الفايدي
نجران هذا الجزء النفيس من الوطن الغالي نتذكره كل يوم، نتذكره كلما قرأت سورة البروج، وكلما تليت آية المباهلة من سورة آل عمران وعند قراءة سورة الفجر حيث إرم ذات العماد وعلاقتها بالربع الخالي ونتذكر نجران عند تتبع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث وفد نجران عندما قابله نبي الله وعند قراءة بطولات خالد بن الوليد رضي الله عنه، نتذكر نجران عندما نقول أما بعد:
حيث انطلقت من حنجرة الخطيب المفوه والشاعر المجيد والحكيم المشهور حكيم نجران بل أسقف نجران: قس بن ساعدة الأيادي، إنها نجران مهد الحضارات أو ملتقى الحضارات حيث انتشرت بها الديانة النصرانية مع أن الديانة اليهودية سابقة النصرانية ثم قدم ملك من ملوك اليمن إلى نجران وصارت المحرقة التي تعد من المحارق الأولى في التاريخ أنشأها (يهود) ضد المؤمنين من النصارى وأصبحت مدينة الأخدود شاهدة على ذلك، حيث زار الكاتب الموقع قبل عدة أعوام وقد تأثر كثيـراً عندما أصبح داخل الأخاديد حيث ترتسم لك صورة القساة الغلاظ (أصحاب الأخدود) إذ يقذفون المؤمنين أحياء في (النار ذات الوقود) ويخيل أنك تسمع صرخاتهم وأناتهم واستغاثاتهم وتشم رائحة (لمم الشعر) عندما يلفها اللهب وشياظ اللحم البشري المحروق، ويزيدك الموقف ألماً، وتنتابك حالات من الأسى والحزن وأنت تشاهد بقايا (رميم) العظام تحتفظ بها الأرض في أحشائها رمزاً للطغيان وعندما تشاهد ذلك تشعر بمرارة ظلم الإنسان للإنسان، إنها من المحارق الأولى لبني البشر على الأرض، خلدت أحداثها آيات من القرآن الكريم من سورة البروج، وتركت النار الموقدة بصماتها التاريخية على شكل طبقات من الرماد الأسود، بل هي أجداث الموتى في أعماق الأخاديد لتذكر باستمرار بنتائج الظلم. ومدينة الأخدود شاهد حي على الحضارة التاريخية تحدثك الصخور ذات الرسوم والنقوش عن السفر الطويل لآلاف السنين، وتدعوك لتقف على جبل (صيدح) بـ(حمى) لتقرأ قصة محرقة الأخدود مكتوبة كاملة.