حمد عبدالغفور محمود مدوه
تعد التجربة الاقتصادية الصينية واحدة من أهم النماذج الدولية المميزة والمحيرة بنفس الوقت، مقارنة مع تجارب أخرى عبر التاريخ، وذلك لما تحمله من جدل متصاعد حول طبيعة نشأتها.
يقول ليونغ الخبير الاقتصادي في بنك سنغافورة للتنمية «قبل أربعين عاماً كانت الصين فقيرة جداً، ولم يكن لديها أي شركاء تجاريين ولا علاقات دبلوماسية واسعة، كانت الصين تعتمد على الاكتفاء الذاتي فقط!».
ولكن في السنوات الـ40 الماضية، اعتمدت الصين على سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية كان من شأنها فتح الطرق التجارية والقنوات الاستثمارية، وهي خطوات أدت في نهاية المطاف إلى إخراج الملايين من دائرة الفقر، فقد منح المزارعون الحق في استغلال أراضيهم الخاصة مما ساعد في تحسين مستويات معيشتهم، والتقليل من ظاهرة شح المواد الغذائية.
ففتحت الأبواب للاستثمارات الأجنبية بعد أن عادت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة في عام 1979. وتدفقت رؤوس الأموال الأجنبية على الصين من قبل المستثمرين الذين كانوا يتدفقون للاستفادة من العمالة ذات الأجور المنخفضة. ويقول مان كبير الاقتصاديين في بنك تشارترد «من نهاية السبعينات وإلى الآن رأينا أكبر المعجزات الاقتصادية في التاريخ».
حيث تحاول الحكومة الصينية منذ عدة سنوات تحويل نمو اقتصادها من الاعتماد على الصادرات إلى الاعتماد المتزايد على الاستهلاك المحلي. وبرزت في الآونة الأخيرة تحديات جديدة منها انخفاض الطلب الدولي على منتجاتها والحرب التجارية مع الولايات المتحدة. إلا أن الصين تعكف على تأسيس جبهة جديدة في مجال التنمية الاقتصادية العالمية، وهو ما يطلق عليها «طريق الحرير» والذي يهدف إلى ربط نصف سكان الأرض تقريباً ببعضهم البعض، ودمج خمس الناتج الوطني الإجمالي العالمي من خلال ارتباطات وكيانات استثمارية تمتد إلى كل زوايا الكرة الأرضية.
وإلى حد الآن يبدو أن الاقتصاد الصيني قد خرج الرابح الوحيد من بين الاقتصاديات العالمية جراء تفشى فيروس كورونا العالمي، حيث ارتفعت حصة الصادرات الصينية العالمية من 13 بالمئة في مطلع 2020 إلى 16 بالمئة (ايكونوميكس).
ومع نهاية العام المقبل تشير التوقعات إلى أنه سيكون الاقتصاد الصيني أكبر بنحو 10 بالمئة مما كان عليه في عام 2019. في حين الاقتصاد الأمريكي سيكون بالكاد عاد لمستويات عام 2019. بحسب تقرير منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD).