منال الحصيني
كم هي المرات التي حدثت بها نفسك بالأمس كشجرة قوية تمتد عروقها إلى أعماق الأرض وتتعالى غصونها إلى ما لا نهاية هل أزهرت نفسك في الربيع وأثمرت في الصيف وعند الخريف قطفت الثمر...؟
هل عدت لتزرع نفسك في حقل بعيد في مكان آخر على مفترق طرق الزمن..؟
هل كنت تسهر بجانبها قائلاً: «إن السهر يدنينا من النجوم»
كنت تسقيها بأحلامك وحين أتى الربيع أزهرت نفسك مرة أخرى..
ولما جاء الخريف قطفت ثمارها متذوقاً حلاوتها كالشهد،،،
حينها استطعت أن تجلس على ظل شجرة نفسك في حقل بعيد عن مفترق طرق الزمن..
ماذا عن واقعك أهمست له بأن يسكت حتى الصباح...!
أراك تحدثه بأن يسمعك متكلماً..
كانت سفينتك خالية إلا من إصرارك وطموحك الذي لوَّنها بألوان مختلفة تشابه ألوان الطيف بجمالها هذا ما كان بالأمس.
حينما مللت التنقّل على وجه البحار وقرَّرت العودة بسفينة أحلامك إلى ميناء «الواقع».
ما أجمل ألوان طلاء سفينتك، حيث الأصفر كشمس تهرف للمغيب، والأخضر كبهاء الربيع، والأزرق كصفاء السماء
وما أغرب تلك الرسوم التي كانت على شراعها ودفتها كانت حقاً تجذب العين..
رسوت بسفينتك على ميناء الواقع..
بهر الناس بها ... أدخلوك إلى مدينة أحلامك ضاربين بالدفوف، فعلو ذلك لأن خارج سفينتك كان مزخرفاً مبهجاً.
لكنهم لم يدخلوا جوف «سفينة طموحك»..
لم يتساءلوا ماذا جلبت فيها من وراء البحار لم يعرف أحدهم أنك قاسيت العذاب إلى أن رست على ذلك الميناء..
قلت في سرك: هم الناس يرون في بصائرهم جمال الخارج
دخلت شوارع مدينة «أحلامك» وفكرك شارد يسترجع تلك النفائس والغرائب التي مُلئت بها «سفينة طموحك» وقفت في ساحات المدينة معلناً للناس عن تلك النوادر التي جلبتها لهم من وراء البحار..
ها قد طلع الفجر فتكلم «أيها الواقع» إن كنت تستطيع الكلام، فمن يترقب الصباح مناضلاًَ يعانقه الصباح مشرقاً..
هو ذاك طموحك يسير في موكب الواقع رافعاً صوته مترنماً..
من يشارك الصبح في أغانيه هو ذلك الطموح الذي كان من أبناء الظلام..
حينها عرف الناس أن السهر أدناك من النجوم، وأن سكوت طموحك حتى الصباح كان يمر بمخاض عسير انبثق منه واقعك الجميل كجمال طموحك وإصرارك هذا ما كنت أذكره قبل أعوام حينما رست سفينة طموحك على ميناء مدينتك..
هل من جديد؟
هل الأمور على ما يرام؟
هل ما زالت نشوة الطموح تتراقص في سفينتك؟
أخبرني بعد تلك السنين «واقعك كيف حاله»