فدوى بنت سعد البواردي
يعتقد البعض أن التقنية هي مجال جاف.. جامد.. يتعامل منسوبوه مع البرمجيات والأجهزة والخورازميات من خلف شاشات بعيدًا عن التواصل البشري خلال عملهم اليومي...
وبالرغم من شبه صحة ذلك المفهوم إلى حد ما... لكن وبسرد الكثير من ما حققته التقنية للبشرية، خاصة ما حققه مجال الذكاء الاصطناعي، سوف نرى أن التقنية هي بالفعل حياة.. ومرادف فعلي للإنسانية.
يعمل الذكاء الاصطناعي في أكثر من نطاق، أولها نطاق الأنظمة الذكية، حيث يتم التحليل التنبؤي للبيانات وتعزيز القدرة على التحليل المستقبلي واستنباط القرارات الصائبة في المنظمات والوزارات والهيئات. كمثال، في عام 2020، تم العمل على أنظمة ذكية للتنبؤ بأعداد الإصابات المحتملة بالكوفيد-19 في المملكة العربية السعودية اعتمادًا على بعض العوامل مثل بيانات الكثافة السكانية والعمر والوظيفة للأفراد وسياسات الإغلاق المعتمدة وعدد الأسرة المتوفرة في المستشفيات وغيرها. وبناءً على تلك المدخلات، في تلك الأنظمة الذكية، أصبح التنبؤ ممكناً باحتماليات زيادة أو نقصان الإصابات المستقبلية ومدى الاستعداد لمواجهتها والتخطيط المبكر لذلك. كما تستخدم الأجهزة الذكية أيضاً في قراءة وتحليل التشخيصات الطبية، وتنبؤ الحالات الصحية المستقبلية للمرضى.
وكذلك يُستخدم الذكاء الاصطناعي في نطاق آخر، وهو صناعة الروبوتات، والتي بدورها تقدم الخدمات للأفراد بجودة وسرعة ودقة بالغة، خاصة في المجالات الحرجة أو الخطرة. كمثال، في عام 2013، تمكن فريق سعودي بالتعاون مع فريق كوري، في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، من الحصول على براءة اختراع تصميم روبوت على شكل عربة يتولى مهمات الإنقاذ المختلفة مثل الدخول لمناطق الحرائق، حيث لا يستطيع الإنسان الوصول إليها وإطفاء النيران، وذلك لتحمل الروبوت درجات الحرارة العالية التي تصل إلى 700 درجة مئوية. وأيضًا يتمكن هذا الروبوت من الوصول إلى أماكن الزلازل والطرق الوعرة والعالية وأماكن الإنقاذ الأخرى.
وعلى الصعيد الطبي، أصبحت الجراحة بمساعدة الروبوت ممكنة للأطباء ليقوموا بإجراء العديد من أنواع العمليات المعقدة بدقة وتحكم أكبر مما هو باستخدام التقنيات التقليدية. وقد تمكنت المملكة العربية السعودية أخيراً من تكثيف إدخال الروبوتات إلى غرف العمليات في مستشفياتها، وتوسعت استخدامات الروبوتات في العمليات الجراحية لتشمل أكثر من سبعة مستشفيات حكومية كبرى في الرياض وجدة.
كما أنه ومن الجدير بالذكر، نجحت المملكة العربية السعودية، في مجال آخر، وبالتعاون مع دولة الإمارات المتحدة في عام 2018 من صنع روبوت ذكي لتفكيك الألغام والمتفجرات. وفي عام 2014، نجحت المملكة العربية السعودية أيضاً في صنع «روبوت التفتيش» التابع لأرامكو والذي يمكنه استشعار الغازات الخطرة والقابلة للاشتعال والكشف عن الشروخ والتآكل وغيرها من مهام ضمان السلامة للإنسان.
الأفكار الخلاقة لتعزيز ودعم الإنسانية، عن طريق التقنية، لا تنتهي...
وعلى الصعيد العالمي، قام علماء تابعون لشركة تويوتا اليابانية في عام 2017 على تصميم روبوت ذكي لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في الشؤون المنزلية، وروبوت آخر لرعاية المسنين صحيًا وليكون أيضاً رفيقًا كعلاج للوحدة وللشعور بالألفة، وغيرها من الروبوتات والآلات والسيارات الذكية التي تمكن الإنسان من الوصول إلى جودة حياة أفضل.
وقد لعب الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا في المساعدة على التخطيط للتخلص من المشكلات البيئية كالاحتباس الحراري والانبعاث الكربوني وتلوث الماء والهواء وانقراض الحياة البرية والبحرية. كمثال، تم تصميم برامج ذكية لتتبع الحيوانات البرية والبحرية والإلمام بالمخاطر المحيطة بها وكيفية الحفاظ عليها، وكذلك معدلات استخدام المياه والطاقة في العالم، من قبل إحدى شركات التقنية في الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق التعلم الآلي أو ما يعرف بتقنية machine learning في عالم الذكاء الاصطناعي.
ولكل ما سبق ذكره، بدأت وأود أن أنهي المقالة بالقول إن «التقنية هي حياة وإنسانية بحد ذاتها». هل توافقوني الرأي..؟