د.بكري معتوق عساس
التعليم الجيد هو الأساس الذي يرتكز عليه تحسين حياة الناس وتحقيق التنمية المستدامة ومن نتائجه مواطن صالح يستطيع أن يساهم في رقي مجتمعه، فتقدم الدول أساسه التعليم، فالدول التي ازدهرت سخَّرت جزءاً كبيراً من مواردها المالية لقطاع التعليم، فالعالم يعيش اليوم عصر الاقتصاد المبني على المعرفة والذي يُعرّف بأنه نظام للاستهلاك والإنتاج يعتمد على رأس المال البشري أكثر من اعتماده على المدخلات المادية والموارد الطبيعية. فهو يساعد على زيادة سرعة التقدّم التقني إضافة لاستخدامه للحفاظ على النمو الاقتصادي وتطويره على المدى البعيد، وتحقيق هذا يحتاج إلى (قيادة وإرادة).
في المملكة -ولله الحمد - توفرت (القيادة والإرادة)، ممثلةً في (خادم الحرمين الشريفين) وفي رجل الرؤية (ولي العهد) -حفظهما الله- ومضمونها الانتقال من الاقتصاد المبني على الموارد الطبيعية للاقتصاد المبني على المعرفة. ولتحقيق هذه الإرادة نحتاج إلى عقول شابة تؤمن بهذا الانتقال. والمملكة -ولله الحمد - دولة فتية نسبة الشباب فيها أكثر من 70 %.
فالدول التي حققت نجاحات اقتصادية وارتفع دخل الفرد فيها وقلت نسبة البطالة لديها، كان وراء ذلك قادة يستحقون الإعجاب. فعلي سبيل المثال:
استطاع (لي كوان يو) (Lee Kwan Yew)، مؤسس سنغافورة الجديدة أن يحوّل ما كان ميناءً نائماً في عهد الاستعمار إلى مركز قيادة عالمي في التقنية العالية والخدمات.
ورئيس وزراء الهند (نار ندرا مودي) أعلن في عام 1998م، عن مبادرته قائلاً: «سنجعل من الهند خلال 10 سنوات قوة عظمى لتكنولوجيا المعلومات ومن أكبر المنتجين والمصدرين في عالم البرمجيات». وقد تبوأت الهند المكانة الثانية عالمياً في تصدير البرمجيات لعدة عوامل أهمها؛ حقن مناهج التدريس الهندية بجرعات أكبر وأحدث من علوم العصر كالرياضيات والفيزياء وعلوم الحاسب والاقتصاد واللغات الأجنبية.
أما كيم داي يونج (Kim Dae Jung)، رئيس كوريا الجنوبية، الذي كان عضواً في اللجنة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا قبل انتخابه رئيساً للبلاد، فقد صادق على صندوق مخصص لأبحاث النانو بمبلغ (1.1) بليون دولار. وما إن وصل إلى البيت الأزرق، حتى شرع في حملة ناجحة لجعل بلاده رائدة في تطبيق تقنية المعلومات والاتصالات ذات الحزم الواسعة. ومن خلال مسحنا لبقية دول العالم، لا يسعنا إلا أن نتساءل: أين هم أمثال هؤلاء القادة؟
قال الصحفي الأمريكي الشهير والتر كروكيت: «مهما كانت تكلفة التعليم وبناء المكتبات مُرتفعة ستبقي أرخص كثيراً مقارنة مع تكلفة بقاء الأمة جاهلة».