أحمد المغلوث
فيما مضى من زمن وفي بداية انتشار الهاتف الثابت كانت الاتصالات تتكرّر في بيت محمد «أبو عبد العزيز» وكان في العقد السابع وله نشاطه الاجتماعي والتجاري، وكان اسمه محمد، وأيامها كان يقيم معه ابنه عبد العزيز ولديه فتى اسمه محمد.. وفي أحد الأيام رنَّ الهاتف فردت أم عبد العزيز التي كانت تجلس بجانب «الوجاق» في رواق بيتها الكبير ليطلب المتصل الحديث مع محمد. فأجابته أيهما تريد محمد الكبير أم الصغير. فوضع المتصل السماعة في وجهها مندهشاً.. وإذا بحفيدها محمد يعاتبها لقد بدأ شاربي «يا يمه» ينمو في وجهي وتسميني الصغير.. فردت عليه باسمه سوف تبقى محمد الصغير حتى لو تزوجت وأنجبت الله يبارك فيك، وبعد مضي فترة من الوقت. رنَّ الهاتف من جديد فرفعت أم عبد العزيز السماعة، وإذا بالمتصل يطلب مكالمة محمد، وإذا بها تقول له: الله يخليك ممكن توصف لي محمد الذي تريد.. فتطلع إليها حفيدها محمد مندهشاً وابتسامة على وجهه كادت تتحول لضحكة كبيرة بسعة رواق البيت، وهذه الحكاية التي لا تخلو من الطرافة تقودنا إلى طرائف الأسماء، حيث كان الأقدمون يقولون: لكل مسمى من اسمه نصيب والشاعر يقول: وقلما أبصرت عيناك من رجل: إلا ومعناه في اسم منه أو لقب وكان العرب يتفاءلون بالاسم الحسن، ويتطيَّرون من ضده، وكانوا يقولون: إن من حق الولد على والده أن يختار له أماً كريمة، ويسميه اسمًا حسنًا، ويعلِّمه القراءة والكتابة، وإنما تطيَّرت العرب من الغراب للغربة، إذ كان اسمه مشتقاً منها.. وقد سمي عبد المطلب بن هاشم حفيده محمدًا رجاء أن يحمد في السماء والأرض وسمي أبو طالب بن عبد المطلب ولده عليَّا قائلاً: سميته بعلي كي يدوم له: عز العلا وخير العز أدومه ويقول ابن الرومي فيمن اسمه أبو الفضل:
أنت أبو الفضل وأنت ابنه:
فالفضل لا يعدوك في كل حال
ويقول عمر: أفضلكم إلينا أحسنكم اسماً، فإذا رأيناكم فأحسنكم منظراً، فإذا اختبرناكم فأحسنكم مخبراً، ويروون أن عمر سأل رجلاً: أراد أن يستعين به على عمل عن اسمه فقال الرجل: ظالم بن سراقة فقال عمر: ويحك، تظلم أنت ويسرق أبوك، أذهب عنا لا خير فيك؟! وكانت العرب لا تأنف من هذ الأسماء ومن الطرائف التي تُروى وتُتناقل من باب الدعابة: أن سعودياً سأل أخاً سودانياً عن اسمه فقال له السوداني: نورين جاد السيد جار النبي. فرد عليه السعودي يا أخي ترى أساميكم غريبة: كيف تسمون؟ فرد السوداني وأنت اسمك شنو يا شيخنا؟ فأجابه السعودي. مسهل بن عرجان بن ضارط. فرد السوداني: علي الطلاق انته اسمك دا زاتو ينقض الوضوء! وماذا بعد.. قبل عقود كنت مدعواً مع مجموعة من الأحبة لدى رجل الأعمال الأستاذ حمود الطريقي بالزلفي وعند وصولي لمصافحته قام أحدهم بالتعريف بشخصي لسعادته وهذا الأستاذ: أحمد المغلوث. عندها قفز أحدهم هارباً. وهو يردد المغلوث المغلوث. فتضاحك الجميع وكانت لحظات لا تُنسى.. مع أن «المغلوث» من الشجاعة والقوة والبأس.