محمد سليمان العنقري
يواجه بعض مؤسسي أو مالكي المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر معضلة الحصول على التمويل في أحد مراحل مشروعه إما عند التأسيس أو بغرض التوسع أو تصحيح أوضاعه المالية وتغطية التزاماته بحسب الحالة والظرف الذي يواجههم، ومن الطبيعي أن يبحثون بالبداية على أيسر الطرق وأسهلها وأقلها تكلفةًً للتمويل وقد يصطدمون بعوائق عديدة نتيجة عدم جاهزيتهم من حيث التنظيم داخل المنشأة أو لضعف معرفة قدراتهم الائتمانية وما يحتاجه لتصحيحها والحصول على التمويل المناسب وذلك لتحقيق أهدافه المرجوة من هذا التمويل ومع تسارع تطور عالم المال والأعمال واتساع حجم التحديات بالتطوير للأعمال والقدرة على التنافسية يأتي عامل التمويل الذي تشعبت وتعددت منتجاته ليكون ركيزة أساسية في المساهمة ببناء الأعمال والقدرة على تلبية الاحتياجات لتعزيز التنافسية بالسوق.
وبما أن رؤية 2030 م تهدف لرفع دور قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ليمثل 35 بالمائة من الناتج المحلي فإن احتياجات منشآت هذا القطاع للتمويل تبدو بكل تأكيد كبيرة خصوصاً بعد أن بدأ إطلاق مشاريع ضخمة بالمملكة مع بداية هذا العام مثل مشروع ( ذا لاين) في نيوم بتكلفة قد تصل ما بين 100 إلى 200 مليار دولار بالإضافة لإعلان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- عن قرب إطلاق تفاصيل إستراتيجية العاصمة الرياض لتكون من بين أكبر عشر مدن اقتصادية بالعالم والاتجاه مستقبلاً لإطلاق إستراتيجيات تطوير في المدن الرئيسية بالمملكة، فحجم الأعمال سيزيد مع ما أطلق من مشاريع ضخمة سابقاً ويجري تنفيذها، ومن هذا الاتجاه تأتي أهمية استعداد المنشآت الصغيرة والمتوسطة للمرحلة المقبلة حيث سيكون حجم الأعمال ضخماً خصوصاً مع توجه صندوق الاستثمارات العامة لضخ ما يقارب 150 ملياراً سنوياً خلال خطته الاستثمارية المحلية في ثلاثة عشر قطاعاً حتى العام 2025 والتي سيكون للقطاع الخاص دور بارز بالشراكة مع الصندوق في تنفيذ هذه الإستراتيجية.
وحتى تصل تلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة لمستوى الطموح والقدرة المطلوبة للاستفادة من النشاط الاقتصادي القادم فإن ما وفرته هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال برامج تهدف للتعريف بآليات وطرق التمويل الصحيحة يمثل خارطة طريق واضحة وميسرة لمن يبحثون عن التمويل الأقل كلفة والميسر بإجراءاته حيث يمكن الحصول على التمويل من خلال بوابة واحدة تمكن المنشآت من التسجيل ووصول كل المعلومات لكافة شركاء «منشآت» من الممولين لدراسة الطلبات والرد عليها خلال مدة تصل إلى حدود عشرة أيام بعد أن كانت تصل لعدة أسابيع، كما أن المنشآة يتم تقييمها ائتمانياً وتعريف ملاكها ببواطن الضعف لديهم لتصحيحها في الواقع أن تطور طرق برامج التمويل لهذا القطاع المهم ساهم برفع معدلات تمويله بأربعة أضعاف خلال خمسة أعوام تقريباً وهذا بتضافر جهود العديد من الجهات الحكومية كمنشآت والبنك المركزي وبقية الجهات والشركاء بالبرنامج، ويعد ذلك جزءًا من تحقيق أهداف استدامة تنمية الاقتصاد وتعزيز التنافسية فيه ورفع نسبة المحتوى المحلي.
استفادة «منشآت» من التطور الرقمي بالمملكة وأصبحت جميع مبادراتها للتمويل في منصة واحدة وذلك لتوفير الوقت والجهد على المنشآت الراغبة بالحصول على تمويل بتكاليف مناسبة ويسر وسهولة والأهم المساعدة على أن ترتقي المنشآت بحوكمتها وتنظيمها الداخلي من خلال معرفتها بالمتطلبات التي تحتاجها ليبقى وضعها المالي والائتماني سليماً وقوياً بما يكفل المساعدة على النمو والتوسع في أعمالها والاستفادة من النهضة الاقتصادية التي بدأت تتسارع بعد عام من الركود الذي تسبب به جائحة كورونا لتبدأ ومن هذا العام دورة اقتصادية جديدة ذات طبيعة متنوعة بالتوجهات سيكون القطاع الخاص الشريك الرئيسي فيها.