فدوى بنت سعد البواردي
خلال الأعوام القليلة السابقة، تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة الدول التي نجحت في رئاسة وانعقاد العديد من المؤتمرات الدولية لمناقشة الأنشطة والقضايا العلمية والعالمية المختلفة، كمثال مؤتمر قمة مجموعة العشرين والمؤتمر الدولي لتكنولوجيا البترول، في عام 2020 وغيرها من المؤتمرات الدولية الهامة.
ومؤخرًا، تم انعقاد مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في المملكة بنسخته الرابعة وبتقنية حديثة، وهي تجربة «الواقع الممتد» للمشاركين افتراضياً عبر الإنترنت، أو ما يعرف بـ Extended Reality . وهي تقنية تدمج المشاركين من خلال زاوية 360 درجة مع البيئة الرقمية، مما يشعرهم بالتفاعل ووجودهم «ثلاثي الأبعاد شبه الفعلي» في مكان المؤتمر.
وقد تم انعقاد هذا المؤتمر تحت مسمى «النهضة الاقتصادية الجديدة» خلال يومي 27-28 يناير 2021، بمشاركة أكثر من 150 متحدثاً ما بين رؤساء شركات ومسئولين ومستثمرين، العديد منهم متصلين افتراضياً من 5 مدن عالمية. وتماشياً مع رؤية 2030 ، تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الاقتصاد العالمي خاصة بعد جائحة كوفيد - 19 ، حيث توجد ضرورة حتمية لإعادة تصور الاقتصاد العالمي من أجل نهضة وبناء مستقبل اقتصادي مزهر خلال الفترة القادمة، وذلك للتعافي من تداعيات الجائحة اقتصادياً وإعادة اكتشاف الطريق نحو الاستدامة الاقتصادية.
وقد ذكر معالي أ/ياسر الرميان، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «مبادرة مستقبل الاستثمار»، في كلمة الافتتاح، أن هناك «فرص غير مسبوقة» موجودة حالياً للتفكير الجديد لإعادة خلق اقتصاد يخدم بشكل أفضل الإنسانية والعالم. وذلك بمثابة عهد جديد للنهضة ولتصميم إستراتيجيات للاستثمار تخدم أهداف الاقتصاد العالمي بعد الجائحة. وأضاف لاحقاً أنه ومن جهة أخرى، من أهداف تلك الإستراتيجيات كذلك هو خلق وظائف جديدة وفرص لدعم الأعمال الجديدة في الاقتصاد المحلي، مما يترتب عليه تعزيز التأثير الإيجابي المباشر على اقتصاد المملكة، خاصة في بعض القطاعات التي تأثرت سلباً بعد الجائحة. كما أشار إلى دور التقنية الكبير في تنفيذ العديد من تلك الإستراتيجيات وكذلك في انعقاد المؤتمرات الناجحة افتراضياً والتي تجعل تلك المشاركات والمناقشات الدولية ممكنة بيسر وسهولة، خاصة خلال الجائحة.
وقد شملت أنشطة برنامج هذا المؤتمر الاقتصادي العديد من النقاشات حول مفهوم «العصر الرقمي» أو ما يعرف بـ Digital Age. وتم توضيح، من خلال تلك النقاشات، أن نسخة العولمة الجديدة أو ما يعرف بـ Globalization Wave version 2 هي نسخة رقمية حيث أن دور التحول الرقمي في الاستثمار العالمي كبير وهام في جميع المجالات. كما تم الحديث في بعض تلك النقاشات عن تحول قطاع التعليم في بعض الدول إلى مفهوم «الفصل الدراسي الافتراضي» ومدى أهمية أن يتفهم قادة العالم الحاجة إلى وجود التقنيات الحديثة من أجل الاستثمار والتعاون والتواصل من خلال عالم رقمي أثبت كفاءته وفعاليته خلال الجائحة وبعدها.
كما تحدث معالي أ/خلدون المبارك من دولة الإمارات العربية المتحدة عن أهمية الاتصال الرقمي وهو ما يعرف بـDigital Connectivity وأيضاً عن فرص استخدام التقنيات في مجال الطاقة المتجددة.
وقد شملت الجلسات أيضاً جلسة «مستقبل سياسات التقنية العالمية» من قبل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية وفيها تم نقاش أهم المبادرات التي تدعم نمو الاقتصاد الرقمي من خلال سياسات تقنية جديدة تتسم بالمرونة للتأقلم مع القفزات التقنية الهائلة عالمياً.
وتضمنت الجلسات كذلك جلسة «تقنية الروبوتات لتوفير الطاقة» وكيف أنه تم توفير حلول تعمل بكفاءة في ذلك المجال، من قبل شركة أرامكو، ومن الجدير بالذكر أنه من المتوقع أن يبلغ حجم سوق مجال الروبوتات حوالي 10 مليارات دولار في عام 2025 ، حيث سيعمل الروبوتات في مجالات لا حصر لها، منها الزراعة والتعليم والصناعة والطاقة والبحث والإنقاذ ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك في التشخيص الطبي، وغيرها من المجالات.
كما ناقشت بعض جلسات المؤتمر كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في توفير الوظائف الملائمة من قبل إدارات الموارد البشرية وما يسهم فيه ذلك من دور كبير في مستقبل التنمية والاقتصاد والاستثمار العالمي.
وأخيرًا وليس آخرًا، نذكر ما سبق وأن قاله المدير التنفيذي لشركة قوقل وهو أن الذكاء الاصطناعي هو فعلياً أعمق من اختراعات الكهرباء أو النار، وأنه من أهم ما عملت عليه البشرية. وفي المستقبل القريب، سنرى ما يحققه الذكاء الاصطناعي من دور تقني كبير في النهضة الاقتصادية العالمية الجديدة.