محمد عبد الرزاق القشعمي
في هذه الأيام تحل علينا ذكرى مرور مائة سنة على بداية صدور الصحف والمجلات السعودية بدءًا بالجريدة الرسمية (أم القرى) التي صدرت يوم الجمعة 15/5/1343هـ، بعد دخول سلطان نجد لمكة المكرمة بأسبوع لينادى به (ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها). وتتالى بعد ذلك معرفة بلادنا بالصحف والمجلات في مختلف المدن والمناطق.
ويسر المجلة الثقافية أن ترصد لكم وتوافيكم بتعريف مختصر عن تلك الإصدارات.
ففي كل أسبوع سنعرض لكم إحداها حسب تاريخ صدورها بدءًا بما صدر قبل الحرب العالمية الثانية (1360-1365هـ) (1940-1945م) عدا أم القرى التي استمرت بالصدور رغم تقليص حجمها وعدد صفحاتها واقتصار ما تنشره على الأخبار المهمة والأوامر والبلاغات الرسمية.
يقول الأستاذ محمد علي مغربي عن (صوت الحجاز) في كتابه (أعلام الحجاز) ج1 تقدم عدد من أدباء الحجاز بطلب للملك عبدالعزيز منتصف عام 1350هـ بطلب إصدار جريدة أهلية تعنى بإنتاج الشباب، إذ أن الجريدة الرسمية (أم القرى) لا تفي بالمطلوب. وقد وقع على الخطاب: عبدالوهاب آشي، أحمد إبراهيم الغزاوي، بكر فالح، عبدالله عبدالكريم الخطيب، محمد عناني، محمد سرور الصبان، عبدالله فدا، حسين نصيف، وقالوا إن الجريدة ستكون تحت إشراف الشيخ عبدالعزيز الرشيد رئيس تحرير مجلة الكويت – القادم من الكويت والذي يعده الملك عبدالعزيز للسفر لجزر الملايو لطمأنتهم وحثهم على العودة للحج – وقالوا وحسب الإرادة الملكية التي بلغت إلينا بواسطة الشيخ الرشيد فقد قررنا انتخاب الأستاذ فؤاد شاكر ليكون مسؤولاً لهذه الجريدة ورئيساً لتحريرها.
ومع ذلك فقد وجه جلالة الملك بأن يكون امتياز الجريدة باسم الشيخ محمد صالح نصيف، ولم يكن من الموقعين على الخطاب الموجه للملك.
فلعل وجود المطبعة السلفية بمكة تحت إدارته، وعمله السابق في إصدار بريد الحجاز هو الذي هيأ له الفرصة لإصدار وامتياز جريدة صوت الحجاز باسمه.
كما أن الاقتراح بتعيين الأستاذ فؤاد شاكر مديراً مسؤولاً للجريدة ورئيس تحرير لها لم يتم.
وقد صدرت أعدادها الأولى ورئيس تحريرها عبدالوهاب آشي، وكان عددها الأول بتاريخ 27 ذو القعدة 1350هـ الموافق 4 إبريل سنة 1932م.
وقال: «... فإن ظهور صوت الحجاز واستمرارها لسنوات طويلة وحتى الآن مع تغيير اسمها هو التعبير المستمر عن نشوء هذا الأدب الوليد ونمائه وانتشاره.
وقال الدكتور منصور الحازمي في (معجم المطبوعات): «... لذا فقد احتفظت لنا (أم القرى) بشعر المديح والمناسبات كما احتفظت جريدة (صوت الحجاز) بالأدب الخاص، وكلا الاتجاهين إنما يكمل بعضها بعضاً..».
وقال الحازمي أيضاً: «... فكانت لها الريادة وكانت لها الأولوية في خوض كثير من التجارب التي ساهمت في تشكيل شخصية الصحافة السعودية، ومما ساهم في إثراء هذه التجارب وجود عدد كبير من أعلام الأدب والنقد والثقافة وقد شكلوا ما سُمّي جيل الرواد بمشاركاتهم في تحرير الصحيفة وإبراز الجانب الأدبي والنقدي فيها».
أما علي جواد الطاهر فيقول في (معجم المطبوعات العربية): جريدة (صوت الحجاز) «... وكانت من أهم العوامل في إنعاش الحركة الأدبية التي بدأت في آخر العقد الثالث من القرن العشرين، على أيدي كُتّاب المملكة الناشئين، فقد أنشئت – كما قال أول رئيس تحرير لها عبدالوهاب آشي – رابطة أدبية بيننا نحن أبناء هذه البلاد..». وقد أكد صاحب امتيازها محمد صالح نصيف شخصيتها الأدبية هذه حين قال بأنها: لسان حال النهضة الأدبية الحجازية.
ولعلنا نكتفي منها بما ورد في مقدمة العدد الأول «... لذلك ولما أحسسنا به من وجوب إيجاد رابطة أدبية بيننا نحن أبناء هذه البلاد، توحد بين أفكارنا وميولنا وثقافتنا، لنسعى متكاتفين ومتعاضدين نحو منفعتنا ورقينا...إلخ.
احتجبت كسائر الصحف السعودية – عدا أم القرى – عن الصدور منذ 21 يوليو 1941م حتى 4 مارس 1946م حيث عادت إلى الصدور باسم جديد هو (البلاد السعودية) بسبب الحرب العالمية الثانية وشح الورق.
وكانت تصدر مرتين في الأسبوع اعتباراً من 5/12/1357هـ من ثمان صفحات، ولكن سرعان ما أصبحت تصدر بأربع صفحات، وفي 29 يناير 1941م أصبحت تصدر في صفحتين صغيرتين، وأخيراً احتجبت عند العدد (592) كسائر الصحف السعودية.
وقال الدكتور محمد الشامخ في (الصحافة في الحجاز): «... وقد توالى على تحرير (صوت الحجاز): عبدالوهاب آشي، ومحمد حسن فقي، ومحمد حسن عواد، ومحمد علي رضا، وأحمد السباعي، وفؤاد شاكر، وحسين عرب، ومحمد سعيد العامودي، ومحمد حسن كتبي، وحسين خزندار، وعبدالله عريف، وأحمد خليفه النبهاني، وأحمد قنديل، ومحمد علي مغربي، وأحمد إبراهيم الغزاوي».