د.عبدالرحيم محمود جاموس
نعم إنها الحرب المعلنة على القدس وفي القدس وعنوانها الأقصى، وهو الهدف وتفريغ المدينة العتيقة من سكانها العرب مسلمين ومسيحيين مستغلين وباء الكورونا «كوفيد- 19»، حيث يتم الإغلاق الكامل لها وما يترتب عليه من إغلاق لكل أسواقها ومحلاتها التجارية لإلحاق الخسارة التجارية البالغة بأصحابها ودفعهم للتخلي عن محلاتهم التجارية في قلب مدينة القدس وهجرها بحثًا عن الرزق في أماكن أخرى، وكذلك سكان المدينة لما يلحق بهم من تقييد للحركة لدفعهم أيضًا للبحث عن أماكن سكن أخرى أكثر أمانًا ليخلو محيط المسجد الأقصى منهم، ليسهل تنفيذ خطط الاحتلال الجارية على قدم وساق لتهويدها وتهويد الأقصى... وما الاقتحامات اليومية لقطعان المستوطنين الصهاينة له يوميًا بالعشرات والمئات وتحت الحراسة الرسمية للاحتلال وشرطته وعسكره وإقامة الطقوس اليهودية فيه دون وجه حق... إلا إعلان سافر عن هذه الحرب... وترويع المصلين المسلمين فيه ومنعهم منه أحيانًا وترويع سكان القدس في البلدة القديمة... واستمرار سياسة الاعتقالات والتحقيقات وفرض الإبعاد والإقامة الجبرية على نشطاء القدس على اختلاف درجاتهم وحظر التواصل من قبلهم مع القيادات الفلسطينية في رام الله سواء مع المسؤولين في السلطة أو في م.ت.ف...
ما هي إلا مقدمة لإجراء تغيير الوضع القائم في الأقصى والبلدة القديمة إلى وضع يد الصهاينة المتطرفين عليه، أو اقتسامه (زمانيًا ومكانيًا)، وفرض ذلك بالقوة وتفريغ البلدة القديمة من سكانها والسيطرة على منازلها، دون أخذ أي اعتبار للمناشدات العربية والدولية المتكررة بعدم الإقدام على أي إجراء يستهدف أو من شأنه تغيير الوضع القائم فيه، وفي القدس منذ وقوع القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقدم على تنفيذ خططها الهادفة إلى التغيير الجذري في وضع الأقصى خاصة ووضع مدينة القدس عامة على طريق تهويدها وتهويد الأقصى وإبعاد سكانها من المسلمين والمسيحيين عن الأقصى وكنيسة القيامة والقدس معًا.
فقد وضعت هذه السياسات العدوانية، ووضعت الخطط والميزانيات لتنفيذها خطوة خطوة، وبدأت تتصاعد يومًا بعد يوم وتصاعدت في ظل إدارة ترامب وفي ظل الظروف الوبائية التي استغلتها سلطات الاحتلال لتحقيق أهدافها في هذا الشأن... ولا تجد من يواجهها فعلاً ويقف في طريقها سوى أهل القدس ونشطائها.
ماذا ينتظر العرب والمسلمون أمام هذا الوضوح الواضح.... لخطط الصهاينة بشأن القدس والأقصى... (هل فعلاً كما يقول بعض المستعربين أن القدس باتت قضية من لا قضية له)، أليس عليهم واجب لأهل القدس وفلسطين...! أو ليس عليهم أن يهبوا وينهضوا للقيام بما يتجاوز مجرد مواقف الشجب والإدانة والاستنكار إلى ميادين الفعل الرادعة سياسيًا واقتصاديًا وديبلوماسيًا والمتناسبة مع المخططات الصهيونية على الأقل.... واستعمال كل الأوراق المتاحة والتي يمكنهم أن يفعلوها في وجه هذه الغطرسة الصهيونية والمتدثرة دائمًا بالتغطية والدعم والمباركة الأمريكية على اختلاف إداراتها سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية؟!
ماذا ينتظر العالم المتمدن والمدافع عن حقوق الإنسان في كل مكان إلا في فلسطين... وماذا تنتظر أجهزته الأممية المتعددة التي أصدرت العشرات من القرارات الدولية بشأن الحفاظ على القدس وعدم تغيير الوضع القائم فيها منذ وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي.. لتنفيذ بعض قراراتها وتوصياتها التي يضرب بها الكيان الصهيوني عرض الحائط....؟!
إن خطط الكيان الصهيوني الهادفة إلى تقسيم الأقصى بل الهادفة إلى تدميره ستقود إلى إضفاء الطابع الديني على الصراع وتكريسه....
وهذا ينذر بانطلاق موجة عنف لن تتوقف أبدًا ولن تقتصر على القدس وحدها... ما لم تتراجع سلطات الاحتلال عن خطط التهويد والتدمير القائمة والجارية على قدم وساق ودون توقف للأقصى خاصة وللقدس عامة...