رمضان جريدي العنزي
إن ذكرت كورونا فالمسنون لا يتوقفون عن ذكر الأوبئة التي حلت بهم، كالكوليرا والتيوفئيد والطاعون والحصبة والجدري والسل والدرن وغيرها من الأمراض التي أرهقت كواهلهم وعانوا منها أشد المعاناة، والتي أزهقت أرواح الكثيرين منهم. الناس في البادية وفي القرى القديمة النائية كانوا يدفنون ضحاياهم من هذه الأوبئة بالجملة، ويدعون الله أن يلطف بحالهم ويرحمهم، لأنهم لا يستطيعون معالجتهم وإنقاذهم ولا حيلة لهم بذلك ولا مقدرة ولا استطاعة، فالموارد كانت جدًا شحيحة، بل شبه معدومة، ولا يوجد طب حديث بالمعنى المتعارف عليه حديثًا، سوى معالجات شعبية بواسطة (العنزروت) و(اللعوط) و(الصبرة) و(المرة) و(الحلتيتة) و(السفوف) والتي لا تسمن ولا تغني ولا تفيد ولا تقهر الأوبئة القاتلة الجبارة. لقد كانت الأمراض حين تنزل بهم فإنها تفتك بجلهم، فلا علاج ولا أمصال ولا مضادات حيوية آنذاك، لقد كان الوباء إذا حل بالعائلة الواحدة يفنيها واحدًا تلو الآخر وهم يشاهدون بعضهم بعضًا، ولا حيلة لهم سوى الدموع والتضرع إلى الله. لقد جاءتنا كورونا في زمن ملك العالم ونحن منه زمام العلم والمعرفة، والتطور والتقدم، وأصبحت أدق العمليات الجراحية تدار بالليزر والليزك والمنظار، وتطور العلاج وأصبح بالمسح الذري والإشعاعي، وقضي على غالب الأمراض التي كانت مستعضية زمن الأجداد، حتى أصبح علاجها من أيسر العلاجات وقتًا وقيمة، زمانًا ومكانًا. كورونا كانت الحدث الأهم والأخطر في عام 2020، أرعب الناس وأخافهم وأجبرهم على التحصن في البيوت، وملأهم بالخوف والقلق والتوتر، لكن العلم الطبي لم يتوقف تجاه هذه الجائحة المصيبة، ولم يتكلس أو يصيبه الانكسار والوهن، بل كافح وابتكر واخترع حتى أوجد اللقاح، لقد كانت دولتنا - أعزها الله ووفقها ونصرها - ممثلة في سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - حفظهما الله - من أول الدول التي لم تألو جهدًا في توفير في كل ما من شأنه راحة المواطن والمقيم على حد سواء، في بداية الوباء أوجدت البرامج التوعوية على مدار الساعة مستخدمة كل وسائل الإعلام بمختلف تنوعاتها، وحثت الناس على تطبيق التباعد وأخذ الاحتياطات والمسببات وتجنب الاختلاط، خاطبهم المعنيون بشكل يومي، إيضاحًا وأرقامًا ومعلومة، لم يتم شحنهم بالرعب القاتل، والقلق المدمر، بل عملوا على تثقيهم وتوعيتهم وإرشادهم وتطمينهم والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان، صرفت الأموال الكبير، وخصصت ميزانية طوارئ لتغطية تكاليف الوباء ومواجهته، وبذل الوقت والجهد، وكانت المتابعة والتحري والتحقيق والاستبيان، وتم تأمين كل شيء يحتاجه المواطن والمقيم في وقت قياسي ومن مختلف الجهات والاتجاهات، واتخذت كل التدابير الوقائية والاحترازية للمساهمة في حماية المواطن والمقيم، وأصبحت صحة المواطن والمقيم حينها في المرتبة الأولى لأولويات العمل الحكومي، وتم إعداد مبادرات عاجلة لمساعد القطاع الخاص والعاملين فيه، وتم الإعفاء وتأجيل السداد، وأشياء كثيرة لا يمكن حصرها في هذا المقال، الآن نكاد نلتقط الأنفاس، ونودع القلق، الذي غلف واقعنا وسيطر على مشاعرنا وهدد مصائرنا لنعود بحول الله إلى حياتنا القديمة المعهودة، سيسقط هذا الكابوس المريع، بعد أن ننتصر عليه، بعون الله وتوفيقه، ثم بفضل قيادتنا الواعية الحكيمة. وفي الختام أقول كلمة الحق والتي يجب أن تقال في حق قيادتنا الموقرة منذ توحيد المملكة على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ومرورًا بأبنائه الكرام - رحمهم الله جميعًا - حتى العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - أصبحت المملكة العربية السعودية تضاهي كبريات الدول في المجال الطبي، بل انفردت في كثير من المجالات الطبية والتخصصية، بل وأصبحت مثالًا مشرقًا في هذا الشأن، يشار إليه، ويضرب به المثل.