منال الحصيني
كان ضرباً من الخيال أن نبحث عن مدينة تشبع رغبات أحلامنا، لا الأرض فيها هي الأرض ولا السماء هي السماء وظلالها فردوس، أو ليس أكثر غرابة أن يبقى ذلك الفردوس منطقة حياة مكتنزة بالحيوية التي لا يراها سوى من يدخلها عن مايلي اسمع... نيوم هي المدينة الحالمة وجسر العبور الشرق أوسطي للعالم كله، استحقت أن تكون عوالم من مواويل السعادة المناسباتيّة تتراقص في سمائها الموسيقى العالمية وتحلق في أجوائها عوالم مجهولة، ويجوب أرجاءها عداؤو العالم ويبدع في أركانها الأنثربوليجيون ليخرجوا عن المألوف للوصول إلى أعلى معدل متوسط الأعمار، وأعلى مستويات الرعاية والرفاهية واحتضان الكفاءات والعقول العلمية، نعم هي مدينتي الفاضلة «نيوم» مدينة القرن الحادي والعشرين، أبت أن تتقدم بشكل تدريجي تقليدي كسائر المدن، تضطجع كحورية بحر فاتنة على ضفاف البحر الأحمر.
لم تكن أحلام تعبر في الريح..
فقد نفضت تاريخ الأساطير شاردةً بأسطورة الحلم الجريء، بدأت من الصفر فهي ليست حيزاً ولا أزقة ولا قطعة جغرافية فحسب، ولكنها مدينة لم يسبق مثيلها في تاريخ البشرية، همست ببوحها تحدثنا بأن المكان لا يكون مكاناً إلا بعلاقته مع البشر، فحين لا يكون بشر لا قيمة للمكان ولا يصبح المكان مكاناً.
جعلت الدهشة فينا تسير حافية القدمين نتوسل للحلم بأن لا ينتهي، جعلتنا نهتف بين البين والبين ، استطاعت أن تجلب لنا اللحظة التاريخية إلى حياتنا المعاصرة وتعيد صناعتها في المخيلة، «كيف لفيلسوف أن ينسج خيالاً عن مدينة أصبحت حقيقة».
أستميحك عذرا أفلاطون فمدينتي
تخيط ثوباً أخضر للصحراء
وتغزل حلماً أبيض للغيم
وتنادم البحر أُنساً
ها هنا «مدينتي الفاضله نيوم».