علي الخزيم
يُخطئ البعض باعتقاده أنه بعد التطعيم بجرعة اللقاح الأولى المضاد لفيروس كورونا سيكون بمنأى عن العدوى والإصابة بالفيروس؛ فيأخذه التكاسل عن وسائل الوقاية من الوباء، بل إن هناك من بالغوا بنبذ القاعدة المعروفة (الوقاية خير من العلاج)، وأهملوا كل نصائح وزارة الصحة والجهات الدولية المتخصصة، وهو مؤشر على غياب الوعي بالعواقب المترتبة على هذا الإهمال، فالتعليمات الطبية تقول إنه يجب الاحتراز والوقاية حتى بعد تناول الجرعة الثانية من اللقاح، وهي قاعدة مُسَلَّم بها للوقاية من كل فيروس وميكروب وكافة الأمراض والأسقام المعدية، فالعنتريات بهذا المجال (وكل مجال) لا تغني شيئاً، بل إن الضرر واضح لا يحتاج إلى برهان، فالفيروس لا يفرِّق بين البشر ولا يهمه جنس أو منصب أو مركز اجتماعي! الفيروس لا يملك سمعاً ولا بصراً ويخبط خبط عَشواء - الناقة ضعيفة البصر تخبط إذا مشت لا تتوقى شيئاً - يقول زهير بن أبي سُلمَى:
(رأيت المنايا خَبْطَ عَشواء من تُصِب
تُمِته ومن تُخطئ يُعَمَّر فيهرم)
ثم إن الإهمال وعدم التَّوقِّي يساهم مادياً ومعنوياً بإهدار جهود الدولة أعزها الله الرامية بجد وسخاء لمكافحة الوباء الفيروسي، كما يخالف توجيهات القيادة - أيَّدها الله - بكل المسؤولين كلٌّ بتخصصه لتسخير كل الإمكانات بسبيل خدمة المواطن والمقيم على أرض السعودية، في إطار ما تبذله الدولة بكرم سخي وبكل مجال واتجاه لتحقيق مبدأ جودة الحياة للجميع، فالمواطن الصالح الواعي هو من يكون عوناً وسنداً للإجراءات الإنسانية الخدمية التي تتخذها قيادته وحكومتها الرشيدة والعمل لتحقيق المقاصد الخيرة وعلى أعلى المستويات، وأن يلتفت المواطن إلى ما يُعبِّر عنه كثير من مسؤولي السفارات والوفود التي تَقْدُم للمملكة بمهام رسمية وكذلك المقيمون من الأشقاء والأصدقاء ممن تلقوا اللقاح ضد كورونا؛ فقد تحدثوا بصدق ووضوح عن جهود المملكة وصرامتها ودقة إجراءاتها لتطويق الفيروس الوبائي والإحاطة به تفانياً مع إنسان هذا البلد مواطناً ومقيماً، وبمواقف وأعمال شهد بجودتها وجدِّيتها القاصي والداني، وكانت درساً يُحتذى لبعض البلدان للاستفادة من التجربة السعودية التي حققت (أعلى درجات الجودة والتقييم الدولي) بمجال مكافحة الأوبئة والأمراض المعدية.
من يشيد بنجاحات المملكة بالتعامل الأمثل مع وباء كورونا؛ يتذكر بالتأكيد نجاحات سابقة متتالية، فأقرب الأمثلة لمن لا يريد الاستقصاء وإطالة التفكير هو النجاحات الباهرة والتنظيم الدقيق الرائع لحشود الحجيج المليونية كل عام دون أزمات أو نقص بالدواء والغذاء، مع خدمات طبية راقية مجانية بأعلى المستويات للجميع، ودقة التنقّل والترحال بين المشاعر المقدسة، كما نجحت المملكة وبكل اقتدار في إدارة مهام جسام على الحدود بالتزامن مع موسم الحج واستضافة مؤتمرات إقليمية ودولية ومنافسات رياضية قارية بآن واحد دون ملاحظة أي خلل أو تقصير أو إرباك، بل دقة ونظام ونجاحات متتابعة، وحين يكون الحديث عن جهود دولتنا فنحن نعرفه ونعيشه كل ساعة، غير أن المأمول هو اطِّلاع الآخرين على ومضات من هذه النجاحات والتقدّم الراقي بمملكة العزم والحزم ومحو الصور المقلوبة المشوشة التي يرسمها المغرضون.