ما أعمق رؤية قيادتنا الرشيدة، وأسمى مبادئها، إنها مبادئ الكبار الذين لا تعطلها أعمال الصغار، ولا تستوقفها شائعات المأجورين والمتأزمين، ولا تهزها حملات المغرضين، وتتجاوزها بالأفعال؛ لأنها قيادة واثقة من نفسها، تعتمد على تحقيق المنجزات، وعلى تلاحمها الحقيقي مع شعبها، تخطو خطوات إلى المستقبل بكل ثبات من دون توقف، لا غاية لها سوى تقديم الخدمة لشعبها، وعمل التأثير الإيجابي عند القريب والبعيد، فلن نرد على المشككين؛ لأن المؤشرات العالمية تقوم بالرد عليهم، وتعطينا حقنا من دون نقصان، فنحن ننشغل بالمستقبل، وليس لدينا وقت للراحة، فرحلة قطار الرؤية السعودية 2030 تحركت.
مؤخرًا أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد مشروعًا استراتيجيًّا عملاقًا، سوف يضع الوطن في قلب المستقبل، وهو مشروع مبرمج، عمل عليه عشرات من فرق العمل، لكن مزامنته جاءت بمنزلة التشديد على أن الكبير دائمًا يعلو صوته، حيث الدفاع عن الكرامة، واحترام الأجيال القادمة، وصناعة المستقبل من أجل الغد الأفضل، ولا توقفه شائعات العاجزين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأن من يخطط للمستقبل على نحو خمسين عامًا مقبلة إنما يرسل رسالة إلى الداخل والخارج، مفادها أن خلفه الإنجازات الضخمة، التي تعدت التنمية والنهضة والرقي إلى مرحلة الوطن المبدع، وأنه لا يرفع إلا سقف التحدي، وأنه لا يسمع إلا صوت المستقبل.
مواطنو العالم العربي تعودوا إما على فقدان التخطيط في التنمية، والانشغال عنه بالصراعات والتجاذبات السياسية والعسكرية، أو محدودية الخطط على أهداف خمسية وعشرية، وفي غالب الأمر تضعف تلك الخطط في تنفيذها، ولا تحقق أهدافها المتوخاة؛ لأن الأمنيات فيها كان أكثر من الاجتهاد والبذل، لكن الصورة مختلفة جذريًّا في وطننا؛ والسبب يرجع إلى قيادتنا الرشيدة ـ أعزها الله ـ التي تتقن عمل الخطط، وتحديد الغايات، وتأطير الأهداف.
على مدى السنوات الماضية نظم وطننا العديد من اللقاءات والمؤتمرات التي تم التركيز في مناقشتها على التنبؤ المقبل لوطننا، وكان آخرها مبادرة مستقبل الاستثمار؛ إذ يوفق صانع القرار في وطننا استغلال نتائج تلك اللقاءات والمؤتمرات، والتأثيرات التي يحتمل وقوعها في الخطط المستقبلية؛ وبالتالي إحداث التغيير المرن، والتكيف الواجب مع المتغيرات من دون تلكؤ أو توقف.
في تصريحات عراب الرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان عند إشهاره مشروع (ذا لاين) يبرز الحرص والاهتمام الشديد بمستقبل الأجيال، وصيانة المنجزات وتعظيمها؛ ليكون أفضل وطن في العالم، وإشهار حراك تنموي وطني؛ ليكون 2030 عام النتائج وتحقيق الخطط، والفرحة بالمنجز بعد أن حشد الوطن جهوده، وعبأ موارده، بيده التي تمسك بالمنجزات، وبالأخرى التي صافحت المستقبل؛ لتطوير نموذج وطننا، عبر مشاركة كاملة من جميع أبنائه، واستيعاب أن الطريق نحو 2030 هو امتداد أصيل للسنوات قبله، الذي سعت فيه المملكة العربية السعودية نحو تنمية شاملة في مختلف الاتجاهات.
وإن كل ما يمكن تحقيقه في المستقبل هو مرتبط ارتباطًا عضويًّا بالمنجز الذي يرغب في الحصول عليه، وهو ما كان شديد الوضوح في تصريحات سمو ولي العهد.
من المهم التأكيد على أن هذه الخطط في المملكة يقف وراءها فرق عمل ذات تدريب وتأهيل مثالي، وقد تعهد سمو الأمير محمد بن سلمان بالمتابعة والتخطيط لتنفيذ تلك المسيرة التي من دون شك تحتاج إلى تأمل جديد ومهارات رفيعة؛ لنواصل السير في انطلاقة كبرى نحو رؤية المملكة 2030.
المشروع العملاق ستتغير معه المفاهيم والأفكار والإجراءات والمهارات، لكن الثابت فيه هو الإنسان الذي سيرتقي بالوطن من حيث هو في أعلى الهمم إلى أعلى القمم؛ ليجعل المملكة نموذجًا يُحتذى، ينقل قصة المملكة في معركة البناء الدائمة للعالم؛ فثقة محمد بن سلمان بالتفوق والنجاح لا تقبل الشك، الفريق واحد، والروح واحدة، والمستقبل لنا واعد بمشيئة الله تعالى. ومع رؤية الوطن استعدوا للعمل والإنجاز، ولتستبشروا بالغد المطمئن؛ فأجواء بداية الطريق تهب علينا من جديد، وروح المؤسس عبدالعزيز تسكن فينا إلى الأبد.