يوم الأحد 4-6-1442هـ الموافق 17-1-2021م بدأ في المملكة الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 1442هـ، وقد قررت وزارة التعليم أن تستمر الدراسة فيه (عن بعد) لمدة عشرة أسابيع عملاً بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس (كورونا) وحفاظاً على الصحة، وقد رأيت بهذه المناسبة أن أدوّن بعض الخواطر عن الفصل الدراسي السابق، وهو الفصل الدراسي الأول الذي بدأت فيه الدراسة (عن بعد) واستمرت حتى نهايته، كذلك بسبب جائحة كورونا، وهي خواطر يجتمع فيها (جانبان)؛ فإن كاتب السطور كما أنه أب لأبناء يدرسون بمراحل التعليم العام والجامعي فهو كلك مدرس، فأقول:
لقد بدأت الدراسة في الفصل الدراسي الماضي في المملكة في اليوم الذي حدد لها فيه، وانتهت كذلك في اليوم الذي حدد لها فيه، وقد باشر جميع الطلاب والطالبات دراستهم في التعليم العام وفي التعليم الجامعي بجميع مراحله، باشروا دراستهم في وقتها، واستمروا حتى انتهت المقررات - كاملة - واختبروا الاختبارات الفصلية والنهائية في وقتها، وهذا نجاح كبير وإنجاز عظيم كانت جملة من الأسباب -بعد توفيق الله تعالى- وراء تحققه.
إن الانتقال السريع وبهذه السلاسة من التعليم (المباشر) إلى الدراسة والتعليم (عن بعد) في جميع مراحل التعليم في السعودية بما في ذلك الصفوف الأولى في المرحلة الابتدائية يؤكد أن المملكة العربية السعودية كانت قد استشرفت المستقبل في التعليم (عن بعد) وخطت فيه خطوات كبيرة في السنوات الماضية يسّرت بفضل الله تعالى هذا الانتقال.
إن الجامعات في المملكة كانت قد حققت في السنوات الماضية خطوات متقدمة في التعليم الالكتروني والتعليم (عن بعد) حتى إن عمادة خاصة باسم (التقنية - التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد) أصبحت من العمادات المهمة في جامعات المملكة، والدورات التدريبية في التعليم الإلكتروني للطلاب والطالبات ولأعضاء هيئة التدريس كانت تعقد في السنوات الماضية باستمرار، تتدرج بالمتدربين من مهارة إلى أخرى.
وإن من أسباب النجاح الكبير للتعليم (عن بعد) في الفصل الدراسي السابق في المملكة والذي شهد به الجميع: يسر استخدام الشبكة العالمية للاتصال (الإنترنت) في المدن والقرى، ووفرة الأجهزة التي أقبلت عليها الأعداد الكبيرة من الطلاب والطالبات في فترة وجيزة، على تنوع تلك الأجهزة (اللاب توب) (الآيباد) (الهاتف المحمول).
ومن أسباب نجاح التعليم (عن بعد) في المملكة والذي كان الانتقال إليه ميسوراً وتمت به العملية التعليمية على أفضل وجه: تنوع منصات التعليم وتعددها، حيث اختارت كل جهة ما يناسبها ويناسب طلابها وطالباتها؛ فاستخدمت مدارس التعليم العام (الكلاسيرا - Clssera) و(مدرستي) - Madrasati وغيرهما، واستخدمت الجامعات (البلاك بورد) - Blackboard و(الويبكس - Webex (و(قوقل) - Google و(الزوم - Zoom (وغيرها، وإن تنوع هذه البرامج والمنصات قد أسهم في تخفيف الضغط على بعضها ويسر عملية البث واستمرارها.
إن مظاهر النجاح في التعليم (عن بعد) في المملكة كثيرة ورغم أن هذا النمط من التعليم يعتبر (بديلاً) إلا إن كثيراً من الإيجابيات قد برزت بصورة أفضل مما هو عليه الحال في التعليم المباشر، وعلى سبيل المثال: فإن الجوانب (العملية) في سير المحاضرات الجامعية من حضور جميع الطلاب لجميع المحاضرات واستثمار وقت المحاضرات والدروس من أوله إلى آخره ويسر المشاركات الطلابية أثناء المحاضرات ونحوها كان الأداء فيه رائعاً.
كما أن أعمال أعضاء هيئات التدريس من اجتماعات لجان واجتماعات الأقسام العلمية وهيئات تحرير المجلات ومجالس الكليات ومجالس الجامعات شهدت أداء رائعاً واستثماراً أمثل لأوقات الاجتماعات وأثريت بمشاركات أعضائها، وامتدت تلك النجاحات إلى مناقشة الرسائل العلمية وسرعة إنجاز محاضرها إلكترونياً ويسر اعتماداتها من جهات الاعتماد المختلفة وفي أوقات مثالية، كما لم تتوقف الدورات العلمية وحلقات النقاش والمحاضرات والأنشطة اللا صفية وأنشطة النوادي الطلابية.
وبوصفي أباً لأبناء تنوعت مراحل دراستهم بين الأول الابتدائي ونهاية المرحلة الجامعية أجد نفسي ممتناً كثيراً لأساتذتهم ومعلميهم الأفاضل لما شهدته من الأداء الرائع والجهد الكبير الذي بذلوه تعليماً وتوجيهاً وتدريباً وحرصاً منذ بداية الفصل الدراسي وحتى نهايته، وشكري وامتناني يمتد لمن كان عوناً لهم -بعد الله تعالى- في نجاحهم في إداراتهم المباشرة وفي إدارة التعليم والجامعة، وإن كانت إشارة عابرة أضرب بها مثالاً؛ فإني أشير إلى مشاركة ابني (عوض) في السادس الابتدائي بمدارس البشرى بمكة المكرمة والذي شارك في مسابقة الأولمبياد العالمية للريبوت وحصلت مدرستهم على المركز الرابع على مستوى المملكة، وإن إقامة مثل هذه المسابقة (عن بعد) في عدد من الأيام المتتالية وبمشاركة قرابة مائتي مدرسة على مستوى المملكة يخبر عمّا توصلت إليه المملكة من روعة استخدام التقنيات في التعليم، والإبداع في سير جميع الأعمال العلمية والتعليمية والتدريبية (عن بعد).
هنيئاً لقيادة وحكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله تعالى- وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله تعالى- على هذا النجاح والتفوق الكبير في التعليم، وهنيئاً بهذه الثمار المباركة في تحقيق العملية التعليمية أهدافها بجدارة عن طريق التعلم (عن بعد) والذي تم بتوفيق الله تعالى ثم الدعم الكبير لقطاع التعليم، والشكر لوزارة التعليم وإدارات التعليم والجامعات وللقائمين على أمر التعليم وللمدرسين والمدرسات جعل الله جهودهم وبذلهم في ميزان حسناتهم وأدام لبلاد الحرمين الشريفين عزّها وأمنها واستقرارها، وأبقاها ذخراً للمسلمين والمسلمات، وأنموذجاً يقتدى به في نجاحاتها الكبيرة المستمرة، وفي هذا اليوم الذي يستقبل فيه الدارسون والدارسات والمدرسون والمدرسات في السعودية فصلاً دراسياً جديداً تستمر فيه الدراسة (عن بعد) فإن الجميع يستقبل إنجازاً أكبر وإبداعاً أعظم وتطوراً أرفع، والله الموفق.
** **
- عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى