أ.د.عثمان بن صالح العامر
الأصل -بإذن الله وحفظه ورعايته- السلامة، ولكن قد يقع الحادث المروري لا سمح الله، ووضع الكل خاصة المرأة -زوجة كانت أو أختاً أو بنتاً- التي للتو تجلس خلف مقود السيارة، وكذا الشاب المراهق الذي قد لا يزن الأمور جيداً ولا يحترم الطرف المقابل فيتهور لحظة وقوع الحادث، وربما هرب مسرعاً خوفاً مما بعد!!!، أو أنه صار يرغي ويزبد ويكيل التهم ويرفع الصوت ويلعن ويشتم من يعتقد جازماً أنه هو من جنى عليه، أقول إن وضع هاتين الشريحتين على وجه الخصوص يوجب على المهتمين بالشأن العام التفكير الجاد في إيجاد برامج توعوية وإرشادات نفسية تهدف في النهاية إلى زرع ثقافة مجتمعية عامة تضبط السلوك الفردي وتبعث الطمأنينة في النفوس حين وقوع الحوادث المرورية لا سمح الله، والمفترض أن تكون البداية مع الدورات التدريبية التي يتوجب على طالب رخصة القيادة الخضوع لها، كما أن من الضروري وجود رقم إرشادي خاص يتولى مهمة الطمئنة والتثقيف بضرورة ضبط النفس حين وقوع المكروه لا سمح الله.
إن عدداً من الشركات المصنعة للسيارات الصغيرة التي هي الأكثر انتشاراً في يد هاتين الفئتين هذه الأيام تلجأ إلى تخفيض التكلفة الإنتاجية بعدم وضع الحديد القوي الذي نعرفه في السيارات القديمة - التي تصنعها الشركات ذات الصيت احتراماً منها لنفسها وتاريخها وزبائنها، ومحافظة على سمعتها ذات القيمة العالية لديها - ولذلك فإن أي حادث اصطدام بسيط في هذه السيارات (الكرتونية) يكون أثره ليس في دائرة التفكير ولا المتوقع، فيفاجأ مالك السيارة وسائقها بما يرى، وتكون ردة الفعل متلبسة الخوف والصدمة النفسية القوية من شدة هول الأثر الناتج عن الحادث، وإذا كانت هذه هي المرة الأولى فسيكون الحال مأساوياً في ظل تأخر حضور (نجم) الذي يأخذ غالباً وقتاً طويلاً من أجل الوصول إلى موقع الحادث للأسف الشديد!!!. وربما في حال غياب ولي أمر هذه البنت أو هذا الشاب لسفر أو رحلة برية أو عمل أو أي عذر يعيق وصوله في هذه الساعة يكون التصرف مرتجلاً والألم أشد وأعنف والهلع والارتجاف حاضراً بقوة.
في نظري حان الوقت لتأسيس جمعيات تثقيفية توعوية في شؤون الحياة المختلفة ومن بينها الحوادث المرورية - كيف تتصرف، وعلى من تتصل، وما هو السلوك الذي تقارف، وكم من الوقت يجب أن تنتظر، ونحن بعد الله معك وبجانبك.
بقي أن أقول إن هذا الكلام ليس حكراً على هاتين الفئتين محل الحديث فكلنا ذلك الإنسان الضعيف حين - لاسمح الله - يكون الموقف الذي نعجز فيه عن امتلاك مفاتيح التصرف الصحيح، فمنا كبير السن، ومنا من اعترته الأمراض المزمنة كالسكري والضغط، ومنا المهموم، والعاجز، والمشغول، وهناك من لا يحسن التصرف في المواقف الصعبة، وآخر لا يملك نفسه عند الغضب، فمتى تكون لدينا مؤسسات ثقافية مجتمعية ترشد وتثقف وتساعد وتأزر في وقت الحاجة وعند الضرورة، كما أنه لزاماً على أي منا أن يلزم دعاء الخروج المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكثر من طلب الله السلامة والحفظ، والرب أسأل بأن لا يرينا ويريكم، في أنفسنا وأنفسكم، ومن نحب وتحبون مكروه، وإلى لقاء والسلام.