د.عبدالعزيز الجار الله
الأحداث الاجتماعية التاريخية التي مرّت على بلادنا في القرن العشرين كانت مؤلمة من بداية سنة الجوع 1909، مروراً بعام 1919 سنة الرحمة، وعام 1956م سنة الغرقة والهدام، وتعد نماذج لتواريخ اجتماعية واقتصادية عاشتها مدن بلادنا:
- سنة الجوع عام 1909- 1327 قبل 112 سنة هي سنة عانت وسط المملكة عذابات الجوع المميت، حيث الجثث في الشوارع من الموت جوعاً، وهذا حدث قبل الحرب العالمية الأولى إبان التحضير لها، وكانت الدولة العثمانية منصرفة تماماً للغرب وحوض البحر الأبيض المتوسط في تجمع دول المحور ألمانيا ومجموعتها ضد دول التحالف بريطانيا ومجموعتها، واهتمامها منصبا على الحرمين الشريفين وسواحل البحر الأحمر والخليج العربي، أما الجزيرة العربية وبخاصة وسطها فقد أهمل عمداً أو محاولة تدميره من الدولة العثمانية، والملك عبدالعزيز -يرحمه الله- لم يوحد جميع هضبة نجد وسط المملكة إلا عام 1921م، حيث بدأ التوحيد بفتح الرياض عام 1319- 1902م حتى توحدت المملكة عام 1932م، وهذه المرحلة بالنسبة لدول المحور عرفت بالحصار الغربي للدولة العثمانية، والتي تضررت منه مدن الجزيرة العربية.
- سنة الرحمة 1919- 1337 قبل حوالي 102 سنة أثناء الحرب العالمية الأولى والتي شهدت انهزام الدولة العثمانية ونهايتها وتفكيك مستعمرات وما كانت تسيطر عليه من الدول العربية، وبخسارة الدولة العثمانية لإمبراطوريتها ولدت الدول العربية في المشرق والمغرب العربي، وقبل أن يدخل المستعمر الأوروبي ويسيطر تماماً على الدول العربية بعد الحرب العالمية الأولي وتتحرر منه من الاستعمار الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 وما تلاه، ففي عام 1919 عرف وسط المملكة وربما شرقي المتوسط وباء وجائحة الحمى الإسبانية أو الإنفلونزا الإسبانية وهي إنفلونزا الخنازير التي حصدت حوالي 40 في المائة من سكان العام خلال 3 أشهر فقط، كانت الوفيات في معظم دول العالم، وأصبح الناس وسط المملكة يترحمون على الموتى.
- سنة الغرقة أو الهدام عام 1956م- 1376هـ غرقت فيها مدن شمال نجد، وبالتحديد القصيم وسدير، استمرت الأمطار فيها 58 يوماً دون توقف حتى تهدمت البيوت الواقعة في المناطق المنخفضة والمبنية من الطين وبخاصة وسط القصيم، فكان الناس في المرتفعات في النفد والجبال والحافات والصفروات الجبلية، ينتظرون رحمة العلي القدير، وأن يتوقف ماء السماء وتشرق الشمس لتجفف البيوت والشوارع والمستنقعات.
كورونا كوفيد 19، لولا لطف الله ورحمته لو مرّت زمن سنة الرحمة والجوع والهدام في الوطن العربي أو في العالم حيث العالم بلا تطعيم ولا وعي صحي وقوة اقتصادية وقرارات دولة، لكانت كارثة إنسانية تتحول المقابر إلى مقابر جماعية، والوفيات تصل إلى أرقام مروعة ومخيفة.