الهادي التليلي
السؤال الذي يطرحه دائماً دعاة السياحة الإيكولوجية التي تراهن على الحفاظ على صحة الإنسان باستخدام الطاقات البديلة والوسائل القادرة على القيام بنفس الوظيفة للوسائل المعتادة مع تجنب معيقاتها البيئية ما مدى نجاح الرهان البيئي خاصة وأن العالم والإنسان عموماً قد تعود على هذه الوسائل، ومعلوم أن الإنسان يروم الاستئناس بما تعود عليه ويصعب عليه تغيير البيئة الاستهلاكية لكسل في التفكير ربما ولغياب القدرة على خوض مبادرة التغيير.. لهذا وغيره كان العالم المعاصر يواجه باستمرار دائم خطر التلوث ويسعى مناضلوه لمحاربة كل أسباب التلوث فكانت السياحة المسارية من البدائل المعروفة وهي التي تعرف بثقافة المسار السياحي فلم تعد المادة الاستهلاكية المقدمة مجرد سرير ومسبح ومجاورة لبحر أو مكان حضري حي ولم تعد السياحة تقاس وتصنف قوتها بعدد الأسرة ومدى خضوعها لسلسلة من الشروط المرفهة كالمساحات والتجهيزات والمكونات بل السياحة الما بعد حداثية تعتمد على مدى حماية الإنسان وقدرتها على توفير اشتراطات أمان وهنا تستوقفنا التجارب العالمية في مدن وجزر سياحية إيكولوحية ذات جودة بيئية، ومع ذلك ناجحة تسويقياً لتوفر كل المكونات وتملك شروطاً بيئية واعتمادها في تسويقها على ثقافة المسار السياحي البيئي وهو ما يتجاوز الفندق السريري إلى المسار السياحي المتكامل الذي يسهم في التعريف بمكامن جمال المنطقة سواء كانت تاريخية أو طبيعية بلا محركات سيارات أو دخان والعودة إلى بساطة الطبيعة وجماليتها المادة السياحية هي أكثر من مكان إنها ثقافة ومغامرة وفي الحقيقة السياحة الخضراء قديمة وهي في الواقع أصل السياحة قبل التطور الصناعي الذي غير وجه البسيطة وأثر سلبياً على وجه الإنسان فالعالم المتطور يسعى بكل قواه إلى احتواء العدد الضخم والهائل من السياح ومن هنا برزت سياحة الشيوخ التي تستجيب لطلبات الصناديق الاجتماعية الأوروبية خاصة والتي بحكم ارتفاع كلفة احتضان المنخرطين فيها لفترة ما بعد التقاعد أصبحت تبحث عن مناطق تتواجد فيها سياحة خضراء وتتوفر بها الشمس والطبيعة الخلابة إضافة طبعاً إلى الترفيه والعناية الصحية هذه السياحة هي الأهم لأنها تحتضن شريحة دائمة الإقامة هذه السوق الجاذبة وغيرها المحتضنة لهواة السياحة الخضراء تجعل المستقبل للسياحة الإيكولوجية المثمنة للبيئة في كل تفاصيلها البسيطة والكبيرة.
المملكة العربية السعودية هذا النموذج التنموي الفريد الذي يقدم درساً للعالم بأن يقترح مادة سياحية جديدة على منطقة الشرق الأوسط وتتمثل في إنشاء مدينة سياحية تستجيب لطموحات البيئيين وتحافظ على الإنسان من خلال الاستجابة لمختلف تطلعاته الترفيهية والثقافية والمغامرة والبيئة في مسار سياحي أطلقت عليه ذا لاين THE LIGNE أي الخط وفعلاً ستكون قبلة سياحية دائمة النجاح لأن رهانها واضح وذكي ومختلف ويستقبل كل أنماط السياحة الأخرى كسياحة الأعمال والتي تتوزع إلى سياحة المؤتمرات وسياحة الاجتماعات وسياحة الحوافز وكلها تجد ضالتها في السياحة البيئية كما تجد أيضاً السياحة الثقافية والتي ترتكز على المادة الثقافية من تاريخ ومتاحف وأنشطة وبنفس القدر يتحقق هدف السياحة الترفيهية الترويحية التي أساسها ترفيه بلا هدف سوى إفراغ الشحنة النفسية من الضغط والإرهاق في أنشطة حركية وفق برامج سياحية بعدها العلاجي النفسي للعامل كبير جدا وهو ما يتحقق في سياحة بديلة خضراء بلا دخان أو ضغط نفسي وخارج مدار حصار الحضارة والعصر الصناعي الخانق أحياناً إنها سياحة خارج الكوكب الملوث وداخل كوكب الإنسان الذي اختارت له السعودية من خلال ولي عهدها مقراً سياحياً واعداً هو درس تقدمه السعودية للعالم في ثقافة سياحية جديدة فالمملكة تروم تنويع منتوجها السياحي بما يستجيب لرؤيتها الإستراتيجية وطموحات شعبها المشروعة كيف لا وهي تتصدر مراتب عالمية في مؤشرات السعادة والرفاه الاجتماعي والدخل الفردي وغيرها لذلك كان الدرس وفياً للمرحلة والمسيرة تستمر.