ـ داخل فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالطائف لا يعلو صوت فوق صوت المسرح؛ ففي عام 1399 تم تأسيس الفرع، وكان المسرح من أهم أقسامه، ومنه بدأ تأسيس فرقة مسرحية؛ لتنطلق بعملها الأول عام 1403 بمسرحية (مين يكمل الثاني) من تأليف محمد رجب - رحمه الله -، وإخراج محمد الشامي. ثم مسرحية (صفعة في المرأة) تأليف الأديب عبدالعزيز الصقعبي، وإخراج عبدالعزيز الرشيد (1404هـ). ثم مسرحية (مع الخيل يا عربان) تأليف الدكتور راشد الشمراني، وإخراج الأستاذ عامر الحمود (1405 هـ). ثم مسرحية (اللعبة) تأليف وإخراج عبدالعزيز الصقعبي (1406 هـ). وفي عام (1410 هـ) قدمت الفرقة مسرحية (الأوراق الثلاث، يا رايح الوادي، بيت العز)، وجميعها من تأليف الكاتب فهد ردة الحارثي، وإخراج عثمان أحمد حمد. ومن رحم مسرح جمعية الطائف ولدت ورشة العمل المسرحي، حيث اجتمع فهد الحارثي وأحمد الأحمري وعبدالعزيز عسيري ومحمد بكر؛ ليبدأ نقاش فاعل حول تأسيس ورشة مسرحية، تهتم بتدريب وتأهيل عناصر العرض المسرحي، ويكون نتاج هذا التدريب عروضًا مسرحية سنوية.
وللتاريخ المسرحي السعودي، فإن فرقة مسرح الطائف تعتبر تجربة فريدة في مسرحنا من حيث فكرة التأسيس والتكوين، ومن حيث المنجز المتفرد الذي صنعته، ومن حيث الاستمرارية والتدفق في العطاء، ونموذج البناء الإداري والمالي والمشروع الذي قامت عليه، الذي جعلها نموذجاً واضحاً للدراسة والتحليل والمحاكاة والتقليد. المشروع الذي أحدث تغييراً جذرياً في شكل المسرح بالطائف ومضمونه انطلاقاً من حالة المشروع التي قام عليها، التي يعتني فيها بالتدريب والتأهيل للمواهب المسرحية وصولاً لحالة العرض المسرحي محلياً، ثم حالة الانطلاقة نحو المهرجانات والعروض في العالم العربي، وما تحقق لها فيه من منجزات حتى غدت فرقة مسرح الطائف واجهة مسرحية مشرفة للمسرح السعودي خارجياً.
وعندما نريد التعرف أكثر على فرقة مسرح الطائف فمنذ تأسيسها كأول ورشة مسرحية سعودية لم تتوقف عن العمل سنة واحدة. ثلاثون عاماً مرت، وكل عام به عمل أو عملان، إضافة لأعمال الورش والتدريب المستمر والمشاريع الجديدة والمبتكرة. وكان من نتاج ذلك أن قدمت الفرقة عروضها في (33) مدينة عربية و(12) مدينة سعودية، وشاركت في (85) مهرجاناً وفعالية محلية، و(65) مهرجاناً عربياً ودولياً، حصدت خلالها العديد من الجوائز الفردية والجماعية، محلية وعربية ودولية. وساهم أعضاء الفرقة في تحكيم العديد من الفعاليات والمهرجانات محلياً وعربياً. وتم تكريم أعضاء الفرقة في مهرجانات محلية وعربية. ونظمت الفرقة أكثر من مهرجان محلي مسرحي. وظل المشروع المسرحي هو الهاجس المهم والأهم للفرقة؛ فهي لا تعمل من أجل العرض فقط، ولا تعمل من أجل التدريب، ودوماً ما يكون هنالك مشروع لديها، يتجدد ويتحدد وفقاً لحالة المشروع، الذي يطرح كفكرة، ثم ينطلق لحالة رسم الأهداف والخطط، ومن ثم العمل به وصولاً لحالة التقييم له ورصده وتحليله، ثم الانتقال لمرحلة مشروع جديد. ودوماً ظلت حالة اللقاء اليومي للأعضاء عبارة عن مشاريع عمل وورش وأفكار، تتوالد كالأرانب. وقد كان من جماليات الفرقة ومن أسباب بقاء العمل بها مستمراً أن مبدأ العمل بها كان يقوم على مبدأ الشراكة، وأن كل عضو بها له الحق فيها، وأن سيد القوم خادمهم؛ لذلك تجد التفاني في العمل، واعتبار أن الفرقة ومن قبلها الورشة هي ملك لكل عضو بها؛ فلا تحدث مشكلة ولا طارئ حتى يتداعى الجميع لها، حتى المبتعد لظروف عمله تجده وقت الشدائد حاضرًا بكل شيء للدعم والمشاركة؛ وبالتالي خلقت الفرقة أجواء العمل الصحية، واستمرارية في العمل والإنتاج السنوي والمشاريع الجديدة المبتكرة. وكانت الفرقة بأفرادها كخلية النحل، تنتج إبداعاً مسرحياً، رسخ اسمها في الداخل والخارج كفرقة جادة وفيرة الإنتاج، متنوعة العطاء، متدفقة، متجددة، ترسم صور الإبداع بأجمل حلة.
ـ تدوينه: خمسة أسماء هي يد واحدة، أخذت صفة الإبداع والوهج والحضور الفني كتابةً وتمثيلاً وإخراجاً في مسرح الطائف: فهد ردة الحارثي، أحمد الأحمري، عبدالعزيز عسيري، مساعد الزهراني وسامي الزهراني. بقية الفرقة من إنتاج هذه الأسماء الإبداعية.
** **
- مشعل الرشيد