د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** لا ينسى يومَ أهداهُ صورًا من الأعداد الثلاثة الأُول لصحف: «الأهرام وأم القرى والقصيم»، وكان فضلًا منه دون طلب فقد بادر بعرضها وتقديمها إليه ملفوفةً ومغلفةً بشكل أنيق، وما تزالُ حتى اللحظة تتصدر مكتبتَه بعدما أطَّرها صاحبكم حرصًا عليها واعتناءً بها، وما يزال شيخُ الوراقين لا يرتاد مجلسًا إلا مصطحبًا أوراقَه، وفيها شيءٌ من مقالاته الجديدة أو مقتنياته القديمة.
** لا يكتفي بهذا؛ فحين يجري نقاش حول شخصيةٍ ثقافيةٍ أو شعبيةٍ عامة فإنه يزود الحضور أو بعضهم في لقاءٍ تالٍ ببيان ما كُتب عنه ونماذج من كتاباته، ويذكر أن صاحبكم تحدث معه حول « راعي الداخلة الشاعر سليمان بن علي ابن مشاري (المتوفى عام 1389هـ) - وهو الشاعر الناقدُ الفكِهُ - فأهداه نسخةً من ديوانٍ مخطوطٍ له، وفي معرض الكتاب الدولي فإن لشيخ الوراقين موقعًا متميزًا، ويندر أن يمرَّ به من يعرفُه دون أن يُزودَه بصورة أو أكثر من مقتنياته الفريدة.
** عُرف بمكتبة « قيس» أو عرفت به، وأسمى أحد أولاده قيسًا، ولا يعلم صاحبكم من تقدم منهما ومن تأخر؛ فكنيتُه الأشهر: «أبو قيس» بالرغم من أن والده وولده الأكبر «عبدالله»، والأهم أنه حين يُعرِّف بنفسه – وهو المعروف – يقول: أنا أبو عبدالله وأبو قيس وصاحب مكتبة قيس، ويعنيه كثيرًا أن يذكر الكاتبُ اسم والده ويثني على من يفعلون ذلك منتقدًا من يكتفون بأسمائهم الثنائية، كما لا يُخفي ضيقَه بمن يدخلون كلماتٍ أجنبيةً في منتصف أحاديثهم.
** الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان – المتخرج في كلية الشريعة قبل ستين عاماً 1383هـ - يصرُّ على وضع بلدته «البير» في تواقيعه إلى جانب «الرياض» في إشارة وفاءٍ أخرى للمكان كما للإنسان، ولأنه كذلك فيؤلمُه – في أحاديثه الخاصة- أن يتجاهلَه من عرفوه، ويعتبُ على من يثق أنهم أحبّوه ألا يذكروه، لا من منطلقٍ شخصي بل من مثالٍ واقعيٍ يشمل الرواد ومن في قامتهم سعيًا لدرء ظاهرة الجحود الثقافي، والحق أنه يستحقُّ الاحتفاء المؤسسي؛ فهو ذو التآليف المهمة عن «بني الأثير الثلاثة، وصبا نجد في الشعر العربي، وديوان حميدان الشويعر، وديوان السامري والهجيني، والبير، ومعجم المطبوع من دواوين الشعر العامي القديمة، ومن أجل بلدي، كما أنه صاحب «دار قيس للنشر، ومتحف قيس للمأثورات، ومكتبة قيس للكتب والجرائد القديمة».
** يتمتع الأستاذ الحمدان - بفضل الله - بصحة جيدة وذاكرةٍ نشطة، وما يزال يواصل كتاباته الاجتماعية الناقدة؛ فله الدعاء بالصحة والسعادة وطول العمر.
** البيرُ لا تنضب.