بعد أن سهت سهى عن بالونها، انطلق البالون في الهواء، غادر المنزل، اقتحم منزلاً آخر، وهو يحمل معه أحلام سهى وذكرياتها، يحمل معه اسم سطرته على جبينه وأمنيات غادرتها للتو.
حين وصل البالون إلى المنزل المجاور، حط محلقاً في حوش المنزل الغريب، وظل يتنقل بهدوء مندهشاً، شعر البالون أن هذا المكان ليس موطنه، فقرر الرحيل في رحلة العودة تجاه موطنه الأصلي، ارتفع محلقاً إلى الأعلى محاولاً الانزياح نحو منزل سهى، لكنه فوجئ بشد الهواء له نحو السماء، ليرتفع به محلقاً إلى الأعالي، هو يشعر برغبة جامحة للعودة إلى موطنه الأصلي، إلى حيث سهى، وحمامات الحب التي تحيط المكان، وتحلق في أرجائه، هو الآن يشتاق كثيراً لتلك الحمامات، يشتاق لحميمية المكان، يشتاق للأيدي الناعمة، يدي سهى الحنونة، التي ترفق به كثيراً وتعرف كيف تتعامل معه بكل رقة، وبعيداً عن الوصول به لمصير مجهول، وهو ما يحدث من آخرين تجاه بالون آخر من أشخاص آخرين، كانوا حين ينفخون فيه الروح، قد يزيد النفخ فيؤدي إلى إزهاق حياتهم، وقد يمسك بهم شخص قاسٍ، عربيد لا يجيد الإمساك، فتؤدي المسكة إلى إزهاق أرواحهم، وهو ما يحدث كثيراً بالذات من الكبار، فالأطفال دائماً أكثر حنية منهم.
وكان كثيراً ما يستمع إلى بني البشر وهم يشبهون أنفسهم بهم، معشر البالون، فيظن البعض أن مصيرهم في الحياة مرتهن إلى خبط عشواء كما يحدث معهم تماماً، بينما يختلف معهم آخرون، ويدور جدل بيزنطي ما له آخر.
غادر البالون الأجواء المحيطة، رحل إلى سماء أكثر صفاء وأكثر اتساعاً، وأكثر حرية وانطلاقاً، وكله آمل أن نخدمه الصدفة وتحط رحالة في مكان ملئ بحمامات السلام والأمل، أو أن يجد في السماء الفسيحة متسعاً من حلم، يهتدي عبره ويجد إجابات للأسئلة المحيرة.
** **
- د. خالد الخضري