محمد عبد الله الحمدان
هذا كتاب جديد يضاف إلى كتب أ.د. الشيخ محمد بن أحمد الصالح، صدر عن دار الثلوثية هذا العام (1442هـ)، وجاء في مجلدين، صفحاتهما 765، ولا يخلو من أخطاء مطبعية، وخطأ في آية.
(ومن الملحوظات التي ستأتي في الحلقة الثانية من هذا المقال أن الشيخ المؤلف - وفقه الله - في الجزء الثاني ص 252 ظن أن رجل الأعمال عبد العزيز بن عبد الله بن موسى - رحمه الله - من أهل ثادق، بينما هو وإخوانه وأولاده وأحفاده من أهالي البير أصلاً وفصلاً.
بدأت في قراءة كتاب الشيخ فور حصولي عليه بعد أن قرأت عنه في الجزيرة بما كتبه الأخ الأستاذ محمد المرزوقي.
وهذه بعض الملحوظات والتعليقات على بعض ما جاء في كتابه المفيد الممتع:
صفحة 6 ذكر معاناته لمّا كف بصره بسبب الجدري، وعطف أمه عليه، ورأفتها به، وأضاف بأنه كالطائر معصوب العينين، ليس في الدنيا ولا من أهل الدنيا، لا يدري من أين جاء وإلى أين يذهب، ولا يشعر بلذة طعام أو شراب، بل لا يقبل ذلك.. إلخ.
صفحة 9 الآية الكريمة يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى ، سقطت كلمة (الناس).
صفحة 13 أثنى المؤلف على أخواله، ولكنه لم يعرّفهم للقارئ.
صفحة 14 تكلم كثيراً عن سورة العصر وفسرها وشرحها.
وفي صفحة 9 ذكر قصة (ابن أم مكتوم) عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى .
صفحة 18 تحدث عن جدته وأثنى عليها.
حادثة غربية لجده لأمه
تحدث الشيخ المؤلف صفحة 18 و19 بما نصه (وفصه):
* «وأذكر هنا بالمناسبة حادثةً غريبةً عجيبةً لجدّي من قِبل الأم اسمه.. الذي كان يكدّ ويكدح، ويعتمد في رزقه على كدّ يمينه، وعرق جبينه، وكان يحضر لديهم عامل غريب يعمل معهم يُدعى (هجرسا)، يأوي إليهم، وينفقون عليه. وذات يوم أراد جدّي أن يزور مدينة التويم، وهي إلى الجنوب من جلاجل، تبعد نحو (7 أميال).
وكان الجدّ هذا قد اقتنى كلباً للحراسة، وأصرّ الكلب أن يقتفي أثر الجد في رحلته هذه، وجدّي يرفض صحبته، فصعد الكلب على ربوة، وصار ينظر لصاحبه، وكان على الطريق جبل يسمّى أم عنيق(1)، فيه كهف، وعند محاذاة هذا الجبل جاء رجلٌ مسرعاً، وكان هو الذي يعمل مع جدّي في الفلاحة، وقال: هذه فرصتي سأتغدّى غداءً جيّداً، فظن الجد أن هذه مداعبة، غير أن هذا الوحش دخل في صراع ومصارعة، وكاد الشرّير أن يقضي على جدّي غير أن الكلب جاء مسرعاً فبقر بطن الشرّير، وأخرج أمعاءه، فقضى عليه، وحمى الله الجدّ بنجدة هذا الكلب.
ولهذا أولاه جدّي كثيراً من العناية والرعاية، حتى إنه أقسم أن لا يأكل إلا وهذا الكلب بجانبه، ولمّا مرض جدّي صار الكلب لا يبارح باب البيت، وعندما توفي سار الكلب مع الجنازة، وتوقف عند باب المسجد، ثم واصل سيره مع الجنازة إلى القبر، وعندما تم الدفن جاء الكلب وتمرّغ على القبر، وعلا صوته ثلاث مرّات وكأنه يندب صاحبه، ثمّ سقط وفارق الحياة. وهذا التصرّف عجيب من هذا الكلب الذي أنقذ جدّي من الهلاك، والتزم باب غرفته أثناء مرضه، وانتظره عند باب المسجد، ومن ثمّ اتبع الجنازة إلى المقبرة، وزهد في الحياة بعد دفن صاحبه، كل هذه صور حقيقية لما يقال عن وفاء الكلاب.
ولقد ألّف (ابن المرزبان) كتاباً جمع الكثير من وفاء الكلاب، وقد أسماه (تفضيل الكلاب على كثير ممّن لبس الثياب)».
قلت: وسمعت أحد وجهاء جلاجل يذكر أن شخصًا في جلاجل مشهورًا بأكل الأوادم، ولا أنسى قصة سليمان بن محمد الخنيزان من أهالي بلدة (رغبة) الذي كان يقنص، فشاهد (غارًا) يخرج منه دخان، فقصده، ووجد فيه (الهول والهويل) حيث وجد شخصين قد سُلخت بطون أقدامهما بحيث لا يستطيعان السير، وشاهد قِدرًا على النار فيه لحم (الأوادم) (بني آدم)، كما وجد شيخًا وعجوزًا، قال الرجلان إنهما والدانا (الهامة) (الوحش) الذي ذهب يصطاد، وقد حذرا سليمان الخنيزان منه، فذهب ابن خنيزان ليخبر أهل بلدة رغبة، ومعه (سلقته) كلبته، وهنا شاهده (البليّة) فقصده، وكان مع ابن خنيزان بندقية قديمة، فرماه وأصابته الرمية ولم تقتله، فعمد ابن خنيزان ودار حول الشجيرات الموصود ليعبئ البندقية، وفعلاً رماه فسقط الوحش، كما سقط ابن خنيزان على الأرض من الخوف والهلع. وهنا تأتي النهاية الجميلة؛ فقد ذهبت الكلبة مسرعة إلى رغبة، وظلت (تصوي) بين الناس، فعلموا أن صاحبهم أصابه مكروه، فتبعوا (السلقة) حتى وصلوا إلى ابن خنيزان، وتولوا أمره حتى استعاد وعيه، وذهبوا للرجلين في الغار، وعالجوهما. وهذه القصة متواترة بين الأهالي، وذكرها الأستاذ محمد بن أحمد الشدي في أحد كتبه.
وقد دلني أحد أحفاد ابن خنيزان - هو ناصر بن إبراهيم الخنيزان المقيم الآن في بلدة (رغبة) - على الغار وصورته، (وصُوَرُهُ عندي). فسبحان الخالق العظيم. ويقال إن في أشيقر وقف (سبل) على ابن خنيزان الذي أنقذ الرجلين اللذين قيل إنهما من أهل (أشيقر). والله أعلم.
ص 14 ماذا تعلم الشيخ من جدته - رحمها الله -؟ تعلم منها في الصغر: الصبر، والتأني، والاستقامة، وعفة اللسان، وكثرة الذكر؛ إذ كانت تقول: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
ص 21 القِدح بكسر القاف أليست بفتحها؟
ص33 من أسر المجمعة أسرة العسكر، ومنهم عبد الله بن عبد المحسن الثابت الذي يحسبه كل من لقيه أنه مَلَك يمشي على الأرض؛ فهو لا يغضب، ولا ينفعل، ولا يخاصم أحداً، وتفيض يداه بالخير، وقد أنجب رجالاً تميزوا بالخُلُق، وحسن السمت.. إلخ.
وقبل هذا تكلم الشيخ المؤلف عن المجمعة وأهلها، وعن فوز ابنة الشيخ وما قيل في نبوغها من شعر.
ومن الأسر التي ذكرها المؤلف أسرة (العبد الجبار).
وبعض الناس له رأي في كتابة أسماء بعض الأسر كهذه الأسرة وأسرة (العبد اللطيف) وأسرة (الكليب) ونحوهما. هؤلاء الناس - ولعلي منهم - يرون أن تكون كتابتها (آل عبد الجبار) (آل عبد اللطيف) (آل كليب)، وهذه وجهة نظر، لعلها تكون موفقة، وقد اطلعت في بعض الكتب على تأييد لها.
وفي صفحة 38 ذكر الشيخ عائلة المزيني، ومنها ناصر الذي اشترك مع رجل في تجارة، وحصل خلاف بينهما، وظل الرجل يماطل، وفي المحكمة، وفي محكمة التمييز، ثم الحكم بسقوط الدعوى، ولم تنفع محاولات ناس من الأخيار حين حرروا لائحة اعتراض فلم يقبلها القاضي ولا التمييز، فبقي ناصر يتجرع مرارة هذا التصرف حتى أصيب بمرض عضال؛ فانتقل إلى رحمة الله (غَلَبة الدّين وقهر الرجال).
كما ذكر الشيخ من أسر المجمعة أسرة (العتيقي) الذي ذهب للكويت.
قلت: وفي مكتبة الشعر العربي التي أنشأها رجل الأعمال المعروف الأستاذ د. عبد العزيز بن سعود البابطين عرفت أن مديرة المكتبة الأستاذة سارة العتيقي التي قالت إنها من نجد، وإن أحد أبنائها سمته قيسًا؛ ولهذا لما قلت للأستاذ البابطين عبد العزيز بن سعود إنها أم قيس استغرب ذلك وقال إنها أم... باسم ولدها الكبير. كما ذكر أن أحد أولادها اسمه قيس. وهذا الحديث بيني وبين رجل الأعمال الذي له نشاط كبير في إقامة ندوات في أرجاء العالم. هذا الحديث تم في مدينته (أقصد مزرعته في الصمان).
كما ذكر الكاتب سليمان بن حمد الكهلان حيث أثنى عليه، محبًّا للشعر والشعراء، ولا تراه إلا متأبطًا ديوان المتنبي وديوان المعري، (وقد قيل حوله ما قيل) فأغلقت مدرسته.
الشيخ عبد الله بن
عبد العزيز العنقري
تحدث الشيخ عنه في صفحتين من كتابه هذا، إلى أن قال: (ولقد كان الجميع يحيطون الشيخ العنقري بتقدير منقطع النظير، وإن كان - مع الأسف - جرى عزله بطريقة مهينة، تلبية لخصومة فجة!).
وأثنى المؤلف على عدد من المشايخ الذين أنجبتهم المجمعة، منهم الشيخ عبد المحسن بن عبد الله بن محمد الخيال الذي كان مشهوراً بكثرة الصلاة والصيام، ومن ذلك: ست من شوال، وتسع من ذي الحجة، وأيام البيض، والاثنين والخميس، وأيام من شهر الله الحرام.
أبو دلامة
ومن أسر المجمعة محمد بن أحمد الخيال المكنّى (أبو دلامة)، وهو رجل مرح خفيف الظل، سريع النكتة، وكان يتولى إلقاء القصائد الهزلية التي ينظمها الشاعر عثمان بن سيار (صاحب ديوان ترانيم واله وغيره من الدواوين) التي يحاكي فيها المتنبي والمعري وأبا تمام، ومنها:
الأصل في القهوة أن تبهّرا
وجوزوا المسمار إذ لا ضررا
***
و: قم للحليج ووفّه التنديلا
كاد الحليج أن يكون بلولا
***
و: إن الجريش طعام لا مثيل له
عليه من مستهل السمن غدران
***
و: اضرب بخمسك لا تأكل بملعقة
إن الملاعق للنعماء نكران
***
وقد بلغ هذا البيت أحد عوام الناس فظنه حديثًا نبويًّا. ولما رأى استعمال الناس للملعقة والسكين والشوكة في أحد الاجتماعات قال لهم واعظًا: أيها الناس كيف تكفرون بالنعمة؟ أما سمعتم قول المصطفى.. وتلا البيت السابق؛ فضحك الناس (الآكلون) كثيرًا.
قلت: ومن ذلك: البيت المشهور:
لا تشتر الفول إلا من حضارمة
إن (أولئك) لأنجاس مناكيد
يحاكي قصيدة أبي الطيب التي مطلعها:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
ومن تلك الأسر أسرة آل سليمان (السليمان)، ومنهم عبد العزيز السليمان، الفلاح والمكافح الذي قام بإصلاح آلة الحرث فسقط في البئر، وجرى له بعد ذلك قصة طريفة مؤلمة (صفحة 46 في الكتاب).
أعراف وعادات
يأتي بعد ذلك وبعد هذه الصفحة عنوان (أعراف وعادات سكان المجمعة)، ثم عنوان: (الأنشطة التي يمارسها الأهالي)، وهي في المجمعة وفي معظم قرى نجد، وربما في غيرها. ففي كل قرية - في الغالب - يوجد (مطوع) يؤم الناس، ويكتب عقودهم، ويوثق زواجاتهم وغير ذلك، كما يوجد حداد، ونجار، وخراز، وجزار وأحيانًا يوجد معمل نسيج بدائي مصغّر لصناعة النسيج كما في المجمعة، ويوجد أيضًا في ثادق القريبة من قريتي البير، وفي غيرهما.
وللنساء أعمال - كما للرجال أعمال - فإضافة إلى أعمالهن المنزلية والزراعية وتربية الأولاد.. فإنهن يقمن بصناعة السُّفر (جمع سفرة)، والمراوح اليدوية (المهافّ)، وسجادات الصلاة، وكلها من خوص النخل، وهو الذي يستخرج من العسبان، فيصبح العسيب بعد أخد الخوص جريداً.
عَود إلى سورة (العصر). وقال الشيخ المؤلف - جزاه الله خيرا -: (بل إن الإنسان يعيش في دنياه بأنفاس آخرته، رحب الصدر بالإيمان، وأي شيء يجعل الصدر رحبًا أكثر من خلوه من: الغل، والحقد، والحسد، والكراهية، والبغضاء، والكبرياء، وبطر الحق، وغمط الناس. قال تعالى وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ، وقال تعالى على لسان لقمان يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ إلى آخر الآيات.
وتصبح أيامه في الدنيا عريضة بالعمل الصالح، نعم.. إنها لا تطول، فطولها محدود، ولكن هذه الحياة تصبح ممتلئة بالثمرات، ناضجة محملة بالخيرات، غرس هنا وثمار هناك، زرع هنا.. وحصاد هناك، وما أكرم أن نعمر دارًا نسير إليها من دار سنرحل عنها)!!
وإلحاقًا لما سبق (قبل قليل) عن محمد بن أحمد الخيال (أبو دلامة) فقد قال عنه شيخنا: (وهذا أبو دلامة الذي يحظى باحترام الجميع، يتميز بسرعة الكتابة، مع الوضوح والدقة الفائقة والحفظ. فقد جاء السؤال في مادة أصول التفسير فقرأ السؤال مرّتين أو ثلاثًا فلم يتبين له المطلوب، واستعان بالله، وكتب المذكرة من الغلاف للغلاف، وكتب يخاطب الأستاذ قائلاً (خذ ما شئت ودع ما شئت)، ولكن هذا الجواب لم يقبل) (صفحة 108).
تأتي بعد ذلك هذه العناوين:
أعراف وعادات سكان المجمعة.
الأنشطة التي يمارسها الأهالي.
ربط التاريخ بالوقائع والحوادث
في هذا العنوان ذكر المؤلف:
واقعة أم العصافير عام 1299هـ.
دخول الملك عبد العزيز ورجاله مدينة الرياض عام 1319هـ.
سنة مطير عام 1326هـ.
سنة جراب عام 1333هـ.
سنة الرحمة 1337هـ.
سنة تربة ودخول الملك عبد العزيز ورجاله مكة المكرمة 1343هـ وجدة 1344هـ.
وواقعة السبلة عام 1347هـ.
وسنة الرويضة، وسنة السحبة؟
(يتبع)