د.محمد بن عبدالرحمن البشر
بعض منا قد أخذ التلقيح ضد وباء كورونا تسعة عشر، وبعض الآخر في طريقه إلى أخذه، وهو أمر لابد منه لأن فيه حماية للنفس والمجتمع والاقتصاد، ومن نعم الله على البشرية أن سخر عقولاً نيرة استطاعت أن تستثمر العلم في حماية الناس من خلال تلمس وسائل المعرفة المتاحة لصنع لقاح فعال لهذا الوباء الخطير، ومن نعم الله على المملكة أن تكون قادرة على توفيره واستخدامه بطريقة مثلى.
لابد لنا في البداية والنهاية أن ننسب الفضل إلى أهله، ونقدم الشكر والثناء إلى ولاة الأمر في بلادنا الغالية على ما وفروه من إمكانات مالية هائلة، وبشرية متعلمة ومخلصة، والتواصل مع جهات خارجية لتوفير هذا اللقاح في أسرع وقت، وأحسن حال، وهو ما حدث فعلاً، حتى إن المملكة العربية السعودية كانت ثاني دولة تحصل على هذا اللقاح في العالم وبكميات كافية، ومتعاقبة يعرف الجميع أن الإمكانات التي وفرت للقضاء على هذا الداء والحد منه من خلال هذا اللقاح كانت لا حدود لها، ولا مقياس لحدودها.
لقد انتدبت الدولة- حفظها الله- للقيام بهذا الأمر، رجالاً مخلصين، استطاعوا استثمار ما وضع تحت أيديهم بكفاءة عالية، وتنظيم ممتاز، فقد كانت وزارة الصحة بقيادة وزيرها من أسند إليه ولاة تنفيذ هذه المهمة التي أولاها ولاة الأمر كل اهتمام.
حتى نسجل للتاريخ ما حدث من ترتيب، فإن من أراد أن يأخذ التلقيح فلا يحتاج إلى البحث عمن يعرف هنا أو هناك أياً كان مقامه الاجتماعي، فما عليه إلا أن يملأ استمارته وهو في غرفته أو في باحة منزله، أو حتى وهو في الهواء الطلق، أوعلى رمال الصحراء الذهبية ويرسله عبر هاتفه، وبعد فترة وجيزة، سيتحدد الموعد دون عناء، في ذلك الموعد، ويذهب المرء إلى هناك ليجد تنظيماً رائعاً، وعملاً متقناً.
عند الوصول إلى هناك، سيرى ذلك التنظيم بعينه، ولا يحتاج المرء إلى وصفه لأن الجميع سوف يرى ما يجري هناك، لكن ما يجدر التنويه به، ذلك التوازن بين الإمكانات المتاحة، والعدد المسموح بقبوله، فلا ترى هدراً أو زحاماً، وأمر آخر وهو ذلك العدد الكثير من الشباب السعودي، الذي يقدم تلك الخدمة، ابتداء من الدخول مع بوابة الموقع حتى أخذ الرقم ومن ثم اللقاح، والمدة من بداية وضع القدم على الدرج في الخطوة الأولى حتى الانتهاء من التلقيح لا يتجاوز نصف ساعة، مع مكوث نصف تلك المدة للملاحظة خشية حدوث أمر لا سمح الله.
أمر آخر يحسن التنويه به، هو جمال الكلمات وحسن الاستقبال من النساء والرجال، ولولا الكمامات التي تغطي جزءا كبيراً من ملامح الوجه، لرأينا ابتسامة عريضة تعلو محيا أولئك المستقبلين الكرام، فما كان لتلك الملامح المبتسمة الكريمة أن تظهر مع وجود الكمامة، لكن حسن انتقاء العبارات، واللطف في التعامل، ولغة العيون تظهر ابتسامة حال دونها حائل.
عدد من المستقبلين، وعدد آخر من الأطباء والممرضين، يقومون بإعطاء اللقاح، دون عناء، وكأن شيئاً لم يمس العضد، من سهولته ويسره وكفاءة القائمين عليه، فكل الشكر والثناء لهذا الكادر الكريم الذي يقوم بمهمته على أكمل وجه.
في المقابل لو نظرنا بإنصاف إلى دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التي لديها إمكانات مالية وتقنية ومناولة، ما ليس لدى أي بلد في العالم، كما أن معظم الطعوم تصنع هناك، لوجدنا أنها عانت وتعاني من مشاكل متعددة متعلقة بهذا الوباء، ومنها عدم السرعة في اتخاذ القرار المناسب للحد منه في الوقت المناسب، فأخذ في الانتشار بسرعة فائقة، وأعداد كبيرة، فأصبح الأمر صعباً، وفقد عدد كبير أرواحهم بسبب هذا الوباء، في المقابل نجد المملكة العربية السعودية بحمد الله قد أصدرت من القرارات ما قلل من انتشاره وتأثيره.
وبعد توفر التطعيم اصطفت أعداد هائلة من المواطنين الأمريكيين في سياراتهم في صفوف متتابعة، وكان على كل منهم الانتظار لأكثر من خمس ساعات في بعض المواقع لأخذ اللقاح، والبون شاسع بين هنا وهناك.
يعلم الجميع أن شراء اللقاح، وتخزينه، ومناولته يتطلب الكثير من المال، والجهد، والحرص، والدقة في التخزين، والمدة المقررة من فتح العلبة حتى الانتهاء من الاستخدام، والبرمجة اللازمة للحد من الهدر، وهذا ما يقوم به القائمون على هذا التطعيم. علينا أن نشكر الله أولاً، ثم ولاة الأمر الذين قدموا الكثير وفتحوا الخزائن لتسهيل إنجاز هذا التطعيم في أسرع وقت ممكن، لتعود الحياة كما عهدناها من قبل، والشكر موصول لوزارة الصحة والقائمين عليها، وكوادرها، الذين قدموا وما زالوا يقدمون الكثير.
نحمد الله على نعمه التي لا تحصى، حفظ الله البلاد، وولاة الأمر، والوطن من كل مكروه.