أ.د.عثمان بن صالح العامر
حينما يكون هناك توافق تام بين ما تتبناه وتقوم عليه وتعلي قدره مؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع يكون الأثر الإيجابي المرتقب والفاعلية المنتظرة - بإذن الله -، وعندما يقع الاختلاف والتباين بين هذه المؤسسات يصير الشاب في سن التكوين - إذا لم يرشده عاقل ولم تحتويه عائلة واعية مدركة لحجم المخاطر التي تتراقص في طريقه - في حيرة واضطراب، ولا يدري أين هو الطريق الصحيح والمنهج السليم للأسف الشديد، وربما كان ضحية التناقض بين خطابات التنشئة التي توالت عليه حتى ساقته هذه المؤثرات إلى تصفيد عقله وتسليم نفسه لمنظري الجماعات الإرهابية المتطرفة فصار إما منتمياً إلى جماعة الأخوان المسلمين التي هي مصنفة من قبل هيئة كبار العلماء في بلد العقيدة والتوحيد، أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية على أنها (جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب)، ومحذر منها بكل صراحة ووضوح (فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها)، أو حاملاً أفكار الدواعش الدموية الهالكة المهلكة، أو أنه صار في صفوف القاعدة التي ثبت على ضوء تصريحات وزير الخارجية الأمريكية الأخيرة الارتباط القوي بينها وبين الحكومة الإيرانية العدو اللدود لوطننا المعطاء. وربما أضحى على النقيض من كل ذلك فكان وبالاً على أسرته وخطراً على وطنه ونشازاً في مجتمعه.
إن المراقب للعقدين والثلاثة الماضية وربما قبل ذلك، والقارئ في صفحاتها، والمطلع على طرف من تجاذباتها الفكرية يلحظ بما لا يدع مجالاً للشك أن ما ذكرت أعلاه من وقوع الاختلاف البين في خطابات بعض مؤسسات التنشئة كان حاضراً وبقوة مما تولد معه ضبابية التصور عند شريحة من أبناء الوطن - للأسف الشديد - فكان الثمن الوطني باهضاً، وجاء اليوم الذي اتحدت فيه - ولله الحمد والمنة - الخطابات التربوية والتوعوية في مملكتنا الحبيبة واتفقت الرؤى بشكل كبير، فالتوجه واضحاً، والأفكار المعادية بينه، وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق صار منبر الجمعة المرشد والدال بالحقائق والأدلة والبراهين، وأصبح الصف الدراسي والقاعة الأكاديمية والقنوات الإعلامية والمؤسسات والهيئات والمنظمة العلمية والشرعية الإسلامية ومن قبل هذا وذاك الأسر السعودية متفقون جميعاً على المنهجية الوسط في تنشئة الجيل، وجزماً عندما تكون كل هذه المنافذ التربوية والتوجيهية تؤدي رسالتها التحذيرية بأمانة ومصداقية عالية دون مواربة أو تلون أو ضبابية يتحقق الوعي الفكري الذي هو صمام الأمان الأول بعد عون الله وتوفيقه والحصانة الأساس إزاء جميع الأخطار الفكرية التي هددت وما زالت تهدد الديار وتخطف الصغار. نعم عندما ينشأ طالب المرحلة المتوسطة وهو يعرف حقيقة جماعة الإخوان المسلمين، وعندما يعلم العامي الذي حضر خطبة الجمعة طرفاً من مخططات هؤلاء المندسين، وحين تعرف المرأة والفتاة وهن يتابعن القنوات الإعلامية من هم هؤلاء القوم وماذا يريدون وما هو تاريخهم، عندئذ نكسب الرهان، ويكون - بإذن الله - الجيل القادم سلفي العقيدة وطني الانتماء بيعته التي في عنقه لولاة الأمر قادة الوطن مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز دون غيرهم ولا أحد سواهم، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.