محمد ناصر الأسمري
كانت تلبية الملك عبدالله - رحمه الله - منذ كان وليًّا للعهد لمطالب عدد من مواطني هذا الوطن بضرورة التحاور قرارًا وطنيًّا، اعتلى به هامة المجد الوطني والتاريخ الإنساني؛ فكان إنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الذي كان له سبق في فك حالات الاختناق التي كادت تلم بالوطن وأهله آنذاك، وتداركنا الله بفضله، ثم بتلاقح أفكار وطروحات انتشلتنا من لفح الفرقة والتشرذم الأيديولوجي.
وما كان الملك سلمان - حفظه الله - منذ أن كان أميرًا لمنطقة الرياض بعيدًا عن مسارات الحوارات الوطنية؛ فهو بارع في حواراته مع المواطنين، والتفهم للمطالب الشعبية؛ لذا بادر - حفظه الله - بتجديد مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وتعيين أعضاء يتأمل فيهم الخير والنفع إن شاء الله.
ولعل نقلة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الحوار من المحلية إلى العالمية قد حققت المزيد من تراث ثقافتنا للعالم من خلال ما يبرزه بأفكاره السامقة من هوية عولمية، أبانت أن وطننا ليس نفطًا، بل يشارك مع العالم بمزيد من الوضوح في الرؤية والروية.
لقد تجدد واستجد في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني شيء من التنظيم الإداري. ولعل توالي التطوير في منهجية المركز تشي - إن شاء الله - بمزيد من الانتقال إلى سعة أوسع بحجم الوطن وتطلعات القيادة لمزيد من الإثراء، بما يسهم بأدوار أكثر في ترسيخ وحدة الوطن وبناته وبنيه من مختلف المنابت والأصول.
إن المطالبة بتوالي لقاءات المثقفين من مختلف الأعمار من بنات وأبناء الوطن، وتبادلهم الموضوعات، ترسخ وحدة التوالي لا التولي، ومعالجة مَواطن التخلف والخلف لا التنوع والاختلاف.
لقد رسخت بدايات الحوار الوطني وعلّمت شيئًا من أساليب الحوار والاستماع والرد على الفكرة لا الشخص بعلمية وواقعية بعيدًا عن اللغو المجتمعي؛ فقد كان الحوار الوطني - وسيظل إن شاء الله - اجتماعًا في إصلاح الأمور كما قال ابن منظور.