د.شامان حامد
متى يترك كورونا الساحة الدولية، ليُصبح بين براثن النسيان منسياً؟، وهل يكون اللقاح هو تلك الطلقة التي تُرديه صريعاً؟، ويُسجله التاريخ بأرشيف الأوبئة سيئة السمعة؟
إنه الأمل في الله ثُم اللقاح لتمنح بشريتنا قُبلة الحياة لها وللأنشطة الاقتصادية الراكدة التي تجلس فوق فوهة بركان بانتظار مأساة، رغم المؤشرات الإيجابية التي تدل على إمكانية أن تسهم اللقاحات في تخفيف الضغوط كافة خاصة الاقتصادية المختلفة وتراجع مؤشرات النمو، حيثُ يعلق المستثمرون آمالهم على احتمالية حدوث انتعاش بعد أن كان أداء أسهم المنطقة أقل من الأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً خلال 2020، ليُسجل مؤشر «MSCI» للأسواق الناشئة ارتفاعاً بـ12 في المئة، ليُمكن توقع تعافي تدريجي خلال أشهر من بدء توزيع اللقاح المرتقب، وهو ما بدا بالدول التي بدأت بالتطعيم كالسعودية التي نجحت في إدارة الأزمة حتى الآن.
لكن، حتى في حالة ظهور نظام تطعيمي ناجح، فلن يكون التعافي الاقتصادي فورياً، فقد يستمر الأمر حتى نهاية 2021، إلا أن السيناريو الأخطر الآن على الاقتصاد العالمي، هو احتكار الدول الكبرى للقاح، ليكون السبب في إطالة تلك المُدة... الأمر الذي يتطلب التكاتف الدولي لتعظيم المنفعة الصحية والاقتصادية بالتبعية، فالاقتصادات كلها عانت كثيراً، واضطرت الحكومات إلى التدخل لحماية ما أمكنها من المكتسبات فمثلاً الاقتصادات الآسيوية ستكون سباقة في العودة إلى الأوضاع التي كانت عليها قبل تفشي جائحة كورونا، مقابل الاقتصاديات الأوروبية مثل اليونان وإيطاليا، وحتى أمريكا. لتشهد اقتصادات آسيا، تحت لواء رابطة دول آسيا والمحيط الهادئ «آبيك»، انتعاشاً يحميها.
فالاقتصاد الحقيقي لا يزال يعكس تأثيرات «كورونا»، إلا أن إعادة فتح الاقتصادات العالمية ستقابل بارتداد قوي في البيانات الاقتصادية الأساسية، ولعل تأثير أسعار النفط له أثر إيجابي، إلى جانب التجارة والسياحة والخدمات المالية. لذا هناك حالة من التفاؤل لدعم أسعار النفط مع توافر اللقاحات قرب عام 2021، والذي تزامن مع التقليص التدريجي لتخفيضات «أوبك +»، وهي مرحلة تبشر بالخير لمنطقة الخليج، وما زلنا أكثر تفاؤلاً في شأن الآفاق الاقتصادية المتعلقة بالسعودية والإمارات وقطر، ليكون التحفيز الاقتصادي الجديد، بوصول بايدن للبيت الأبيض والذي تعهد به، له نتائج ستتركها اللقاحات حول العالم. وهذه نقطة محورية، لأنها تمثل في حد ذاتها حبل إنقاذ للاقتصاد العالمي.
وأخيراً: إن توزيع اللقاحات بعدالة إنسانية بين الشعوب، هي المأمن الوحيد الذي يرفع من منسوب الأمل في تعافي الاقتصاد العالمي، وبالتالي عودة الحياة إلى طبيعتها عند مستويات ما قبل الجائحة، فتخطي الجائحة المُرعبة يمكن أن يتم في غضون عام 2021م، مع التأكيد على الفروقات بين دولة وأخرى في هذا المجال، خاصة إذا تمكن العالم من قهر الوباء باللقاحات الناجحة وإتاحتها للجميع، لكن في المقابل، يجب عدم الإسراف في التفاؤل في ظل اللا مبالاة من البعض في الإجراءات الاحترازية.. وعليه يجب أن تتواصل حزم التحفيز المُجتمعي والبشري دون انقطاع.