محمد بن عبدالله آل شملان
صباح يوم الثلاثاء 28-5-1442هـ رحل من دون استئذان، وتوقّف قلب صديقنا المحبوب ( تركي بن ماجد آل قطيم ) في وادي الدواسر، فاشتدّ فقدنا، وعظم مصابنا لفراقه. حامدين الله سبحانه وتعالى، راضين غير ساخطين، محتسبين غير متبرمين.
كنتُ متيقناً بالتمام في كل مرة كنت أراه وأقابله في المناسبات الاجتماعية أو اللقاءات العامة، أنه كان يخدع الألم ويجبره بابتسامة لقاء الأخوة والأحبة والصداقة، وأنه كان يخفي خلف قسمات وجهه ألماً أعظم من الذي نعرفه.
كنتُ عادة أرى ذلك الداء الخبيث ضعيفاً بمواجهة تحدي إنسان هو مختلف كما كان، في كل حين أشاهده فيها أكذِّبُ إدراكي بأنه مريض، وفي كل حين تحدّث هو فيها عن الداء ومواعيد المستشفيات والإقامات التي كان مجبورا فيها لتلقي العلاج، كنتُ أشك أنه مخادع رائع، يتحايل على أحبته وأصدقائه بالداء؛ لاختبار مكانته لديهم وفي قلوبهم.
أقلِّبُ في ذاكرة هاتفي الجوال، فأجد تلك الرسائل الأخوية الصادقة الدافئة، تشجيعه المستمر، حكايا السخاء والعطاء، وقصص الرجولة التي لا تكاد تنتهي.
لقاءاته الموقّعة بشهد ممازحاته، أسترجع بذاكرتي لأبها وعبق طبيعتها قبل 25 عاماً في منتزه «دلغان» ولقاؤه بوالدي (أستاذه)، وحضوره ابناً روحيّاً له تبجيلاً وتوقيراً، ملاطفته للصغير، وصوته الذي أسعدته الحياة، وأنفاسه المستبشرة.
آه.. يا أيها الراحل بدون إنذار من هذه الحياة الدنيا، رغم كل الأماكن التي كانت تنتظرك، وكل أحبائك الذين يلوّحون بيدهم لك، آه.. لو كان بإمكانك قراءة سيل حزنهم وفراقهم وشوقهم إليك، توجعهم ونعيهم.
وداعاً -أبا مشهور-، فالحياة في هذه الدنيا قصيرة، والموت مكاننا الأخير.
لجميع أفراد أسرتك وأصدقائك ومحبيك خالص المواساة والعزاء، ولك أسأل الله تعالى أن يوسع لك في قبرك، وأن يغفر لك في حشرك، وأن يجعل منزلك في الفردوس الأعلى من الجنة.
و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وحسبنا الله ونعم الوكيل.