خالد بن حمد المالك
مرت وكالة الأنباء السعودية منذ انطلاقها بمجموعة من المحطات، سواء بمن تولى رئاستها، أو من خلال حجم الإنجازات والتطورات التي تمت مع كل مدير عام لها، الأحياء منهم والأموات، وجميعهم كانوا في مستوى الثقة، وعملوا الكثير من اللمسات التطويرية، والإضافات المهمة، وتحسين الأداء، ومحاكاة التميز الذي تتمتع به بعض الوكالات العربية والعالمية، إلا أن رئيس هيئة وكالة الأنباء السعودية معالي الأستاذ عبدالله الحسين كانت بصماته، وابتكاراته، وتجديده، والتوسع فيها، والدقة في العمل الاحترافي، والرفع من مستوى العمل، ومن مستوى أسرة تحرير الوكالة أكثر تميزاً ممن سبقه إلى كرسي الوكالة، ربما لأن أحداً من مديري عموم الوكالة الذين سبقوه لم يعمل أحد منهم سنوات تماثل أو تقترب من سنوات عمل الزميل عبدالله الحسين بالوكالة، ولم يمر أحد منهم بدهاليز العمل فيها، تنوعاً، وتنقلاً، كما هو عبدالله الحسين، فقد امتدت خدمته بالوكالة من عام 1403هـ وحتى إحالته للتقاعد النظامي الأسبوع الماضي، أي أنه عمل قرابة 37 عاماً في وكالة الأنباء السعودية، وهي فترة لا أعتقد أن أحداً من القياديين بل أيًّا من الموظفين أمضاها بالعمل في الوكالة.
* *
لكن الأهم أن عبدالله الحسين لم يرتهن لموقع واحد، أو وظيفة معينة في الوكالة. ومن بين مناصبه الكثيرة بالوكالة عمل مديراً عاماً للأخبار، قبل أن يصدر قرار مجلس الوزراء بتعيينه مديراً عاماً للوكالة بالمرتبة الخامسة عشرة، ثم رئيساً لهيئة وكالة الأنباء السعودية بالمرتبة الممتازة، كأول مسؤول بالوكالة في تاريخها يكون رئيساً للهيئة بأمر ملكي وبالمرتبة الممتازة، كما رأس الفريق الإعلامي بالديوان الملكي ممثلاً لوكالة الأنباء لأكثر من عشرين عاماً، وكان موضع ثقة المسؤولين، بحرصه ودأبه ودقته في العمل.
* *
ولا بد من الإشارة إلى أن أغلب إن لم يكن كل من جاء إلى الوكالة مديراً عاماً لها لم يكن من بين من كان يعمل فيها ليكون حصوله على هذا المنصب قد جاء بالتدرج، وإن كان اختيارهم قد تم بحكم أنهم كانوا يعملون في وزارة الإعلام ولكن في قطاعات أخرى، وكانوا بالتأكيد مؤهلين لتولي مسؤولية إدارة الوكالة، لكن عبدالله الحسين كان الأميز بينهم، ومن الحالات الاستثنائية القليلة في ذلك، وهو الوحيد الذي جاء اختياره من البيت، أي من الوكالة، وهذا ما ساعده على تطويرها، والوصول بها إلى هذا المستوى الإعلامي الاحترافي المتميز.
* *
ومن خلال تعاملنا في الصحف مع هيئة وكالة الأنباء السعودية في تلقي الأخبار والتقارير والصور والمعلومات كنا نلمس من حين لآخر التحسن والتميز المتواصل والمستمر في جودة العمل، والسرعة الفائقة في إيصال الأخبار، والدقة في نوعية الصور، والتجاوب السريع مع كل ما نطلبه من الوكالة لتوفير المعلومة الدقيقة، وكل هذا ينسب إلى عبدالله الحسين وإلى الطاقم الجيد الذي يعمل معه بالوكالة، وكان بعضهم من اختياره، فكانوا محل الرضا ليس منا فقط، ولكن من المسؤولين المعنيين الذين تتولى الوكالة خدمة نشاطاتهم وأعمالهم وإنجازاتهم.
* *
ولأن عمل عبدالله الحسين لم يقتصر على إدارته الحكيمة للوكالة، وتعامله الراقي مع زملائه، وتواضعه الذي أكسبه محبة الجميع، لا بد من الإشارة إلى مسؤوليات أخرى كان يقوم بها عبدالله الحسين وهو اليوم يودع كرسي إدارته لهيئة وكالة الأنباء السعودية الرسمية، ومن بينها رئاسته للمؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء في العالم لثلاث سنوات، ورئاسته لاتحاد وكالات الأنباء العربية لثلاث سنوات، ورئاسته للجمعية العمومية لاتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى عضوياته في مجالس كثير من المنظمات الإعلامية ووكالات الأنباء على المستويات العربية والإسلامية والدولية، بما فيها عضويته في المجلس الدولي لوكالات الأنباء.
* *
كان زميلنا الأستاذ عبدالله الحسين ولسنوات طويلة يتولى رئاسة الوفد الإعلامي والصحفي في كل الزيارات الملكية والأميرية إلى دول العالم، وفي إدارته للوكالة كان وراء إنشاء مبنى الوكالة الجميل في طريق الملك فهد في حي الصحافة، بدأبه وحرصه ومتابعته على استصدار الموافقة الملكية السامية لمنح الأرض التي أقيم عليها المبنى الجميل للوكالة، ثم دأبه لتخصيص مبلغ لبناء المقر بعد سنوات طويلة كانت الوكالة تقدم خدماتها من خلال مبان مستأجرة، لا تتوافر فيها الإمكانات والبيئة الإعلامية للعمل المتميز، ومن إنجازاته - وهي كثيرة - إدخاله اللغات الروسية والصينية والإنجليزية والفارسية والفرنسية ضمن خدمات الوكالة، وتغيير (اللوغو) الخاص بالوكالة ضمن التطوير الشامل الذي مس كل أقسام الوكالة بالتحسين والتجديد. كما أنشأ منصات للتواصل لـ(واس) عبر تويتر باللغات العربية والإنجليزية والفارسية، والانستغرام والسناب شات والفيس بوك باللغات العربية والفرنسية والفارسية، واليوتيوب فيديو والتلغرام باللغة الفارسية.
* *
ولم يتوقف عمل عبدالله الحسين عند ذلك، فقد تم في عمله رئيساً لهيئة وكالة الأنباء تدشين موقع (واس) الإلكتروني المطور، كما دشنت (واس) في فترته قسم الإعلام الجديد، ورافق التدشين إطلاق حسابها الرسمي في «الإنستجرام»، وإطلاق أول تغريدة لها على حسابها في «تويتر» عام 2013م. تم تدشين البوابة الإلكترونية والهوية الجديدتين لـ (واس) وبدأ معها البث الرسمي للغات الحديثة: الروسية، والصينية، والفارسية، بجانب اللغتين: الإنجليزية، والفرنسية عام 2016م. وفي عام 2019م، دشنت «واس» حساباتها الجديدة باللغة العربية على تويتر وهي: ( حساب الأخبار الملكية، الحساب العام، الحساب الرياضي، حساب جودة الحياة، الحساب الاقتصادي، الحساب الثقافي والعلمي) إضافة إلى ثلاثة حسابات باللغات الانجليزية والفرنسية والفارسية، كما تم إنشاء أقسام متخصصة في وكالة الأنباء السعودية هي (الاقتصادي - الثقافي - الرياضي - الاجتماعي - المرأة والطفولة - التقارير المتخصصة).
* *
وبهذه الإنجازات والأعمال الجليلة ها هو الأستاذ الحسين يودع هيئة وكالة الأنباء السعودية، وهو الذي أحبها، وقضى سنوات شبابه يعمل بها، بسيرة حسنة، تميزت بالإنجازات، والكفاءة الإدارية، والتعامل الجيد، ما يجعلنا نتذكر له كل ما فعله، وما حققه، وما قام به من مسؤوليات، مصحوبة بالثناء عليه، متطلعين إلى أن يواصل خلفه العمل بنفس الروح والجدية في إدارة الوكالة، وإضافة المزيد من النجاحات على ما تم تحقيقه سواء من عبدالله الحسين أو ممن سبقه من مديري عموم الوكالة، وكذلك فريق العمل ممن عمل مع كل واحد قاد الوكالة في إحدى مراحلها بتفانٍ وإخلاص.