كتب - محرر الوراق:
ممزوجة بكلمات الشكر لخادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين ووزارة السياحة والتراث الوطني، وهيئة التراث، والهيئة الملكية لمدينة الرياض لم تنقطع كلمات الباحثين والمتخصصين عن الإشادة بما وصلت إليه الرياض القديمة من عناية واهتمام، في خطوة أولى يتبعها خطوات أخرى -بحول الله-.
واليوم تشرف وراق الجزيرة بأخذ آراء وانطباعات وأفكار ومقترحات مجموعة من الباحثين والمختصين والمهتمين بالرياض القديمة من الأكاديميين والهواة، لتكون على طاولة أصحاب الشأن في هذه الجهات التنفيذية والتي تعمل ليل نهار لتكون الرياض القديمة قبلة للسياح والزوار والمهتمين.
الحميضي: نريد هذه المناطق ذات خدمات متكاملة
تحدثت في البداية واقترحت الأستاذة فوزية بنت عبد الله الحميضي الباحثة المعروفة في هذا الموضوع، حيث كان من حديثها ومقترحاتها: بتوجيهٍ من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز تتولى الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض وهيئة التراث السعودي تنفيذ مشروع ترميم بعض القصور والمباني التراثية الواقعة وسط الرياض، وذلك للحفاظ على التراث العمراني لبلادنا الحبيبة.
وفيما يخص المقترحات فقد قالت الأستاذة الحميضي: هذه بعض المقترحات والآراء التي لا تخفى على المسؤولين عن هذا المشروع:
1 - إقامة المعارض والفعاليات الخاصة بالتراث في المباني التي يتم ترميمها.
2 - إنشاء متحف وطني في أحد المباني يضم كل ما يتعلق بمقتنيات الملك عبد العزيز وأبنائه الملوك.
3 - إنشاء مكتبة تضم جميع ما أُلِّفَ من كتب عن التراث العمراني والمباني التاريخية في المملكة.
4 - إنشاء حدائق ومسطحات خضراء تحيط بالقصور والمباني.
5 - إنشاء منطقة خدمات متكاملة للزوار حول هذه المباني مثل ( المطاعم ودورات المياه، ومقاعد للجلوس في الخارج).
6 - توفير وسائل نقل عام ( حافلات) لنقل الزوار من مواقف السيارات إلى منطقة القصور.
علي المبيريك: العناية بالعمارة التقليدية حلم نتمنى تعميمه في كل بلادنا
ومن تجربة شخصية، شاركنا الحوار الأستاذ علي المبيريك، صاحب متحف وحساب متحف قديم التعليم، وحساب قديم الطيبين،حيث يرى المبيريك أن العناية بالتراث والموروث الشعبي المتمثل بالعمارة التقليدية الشعبية حلم راود كل محب للتراث، واستبشر الجميع بالخطوات الرائدة المتمثلة بالعناية وترميم القصور والمباني التراثية وهي من تاريخ البناء في وطن العطاء، ونتطلع لتفعيل هذي المباني مستقبلا بإقامة الفعاليات التراثية أو إقامة متاحف ومطاعم دائمة ويكون لها خط سياحي. وكوني صاحب متحف أتمنى وأتطلع لتفعيل متحفي عبر أحد المباني المناسبة.. وفي ختام حديثه تمنى المبيريك أن مثل هذه الجهود في المحافظة على التراث تعمم على مناطق المملكة.
نوال الفوطة: بلادنا تحظى بإرث حضاري عظيم ولابد من استثمار هذه الأماكن
وشاركت في الحوار وتحدثت إلى الوراق الأستاذة نوال بنت خالد الفوطة، مستشارة خدمة مدنية بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وصاحبة اهتمام بموضوعات أحياء الرياض القديمة، حيث تؤكد الأستاذة الفوطة أن التراث يعتبر رمزاً من رموز الهوية الوطنية وعنصراً أساسياً لفهم تاريخ وحضارة وثقافة الدول. وللمحافظة عليه يلزم أن تكون هناك مبادرة لنشر الوعي بأهميته وأهمية المحافظة عليه وعلى معالمه الرئيسية، وقد أولت قيادتنا الرشيدة جل اهتمامها في سبيل المحافظة على التراث المادي وغير المادي؛ كونه يعكس ثقافة الشعوب وحضاراتها.
وتضيف الأستاذة نوال في حديثها، وتقول: وحيث تحظى بلادنا -بفضل الله- بإرث حضاري عظيم ومتنوع من الأماكن الأثرية المهمة سواء كانت قصوراً أو مباني أو قلاعاً أو مساجد شيدت منذ مئات السنين تعكس حضارات قديمة مرت بها.
واستكمالاً للجهود الحثيثة في هذا الجانب فقد يكون من المناسب أن تستثمر هذه الأماكن الأثرية المهمة تقديراً للأجيال التي مرت بها وقامت عليها وأيضاً حفظاً لتاريخ هذه الحضارات العريقة وذلك من خلال:
- الاستشعار بأهمية هذا التراث الحضاري ونشر الوعي في كيفية المحافظة عليه، لأنه أحد الوسائل المهمة لتوثيق تاريخ وحضارة هذا الوطن العريق ونقلها للأجيال القادمة.
- استغلال هذه الأماكن الأثرية وتأهيلها كوجهات سياحية لتكون بمثابة متاحف يقصدها السياح لمعرفة حضارة الوطن.
- الاستفادة منها كفنادق سياحية أو مطاعم وأسواق شعبية مع الحفاظ على هويتها الأصلية.
- تجهيزها كمراكز مهمة لإقامة الفعاليات والمناسبات الوطنية والندوات وغيرها.
اليامي: القصر الأحمر بموقعه المميز وتاريخه المهم يستحق أن يكون متحف الملوك
كما تحدث في هذه الندوة للوراق الأستاذ عبد الله بن ناصر اليامي، مؤلف كتاب القصر الأحمر وصاحب حضور في توثيق تاريخ مدينة الرياض القديمة، حيث كان من حديثه عن القصر الأحمر في قلب العاصمة الرياض: وبعد ما عرفنا قصة بناء القصر الأحمر وعرفنا ما احتواه بين جنباته من احداث ومقابلات ومشاورات وزيارات ملوك ورؤساء دول عربية وصديقة وسفراء ومراسيم ملكية، رسمت تاريخ المملكة العربية السعودية، يتضح جلياً أهمية المحافظة عليه لأنه يمثل البداية الحقيقية لمدينة الرياض الحديثة.
قد يكون من المناسب استخدم القصر كمتحف يطلق عليه متحف ملوك المملكة العربية السعودية بمركز الملك عبد العزيز التاريخي, فإذا أمعنت النظر في هذا المركز تجده قد غطى جانباً مهماً من تاريخ الملك عبد العزيز - رحمه الله - بوجود قصر المربع والمسجد ودارة الملك عبد العزيز التي تحتوي على المقتنيات الخاصة من سيارات وملابس، إضافة إلى المكاتبات والمراسلات بين الملك المؤسس وحكام الدول العربية الشقيقة والصديقة.
وامتداداً للدور الذي قام به كل ملك من ملوكنا والتاريخ المشرف لهم والأحداث التاريخية التي عاصرها كل واحداً منهم، حري بنا أن نحفظ هذا التاريخ في مكان واحد يليق بما قدموه من خدمات جليلة لهذا الوطن يخلد حكم كل منهم؛ حتى يستفيد منها الجيل القادم خاصة أن مساحة القصر تتسع لتخصيص جناح لعهد كل ملك.
ومن العجيب في هذا الموضوع أن جميع الملوك قد دخلوا هذا القصر إما ملوكاً أو وزراء في أول مجلس للوزراء في عهد الملك سعود وما تلاه من اجتماعات للمجلس في عهود الملوك : فيصل, خالد, وفهد، رحمهم الله جميعاً.
الزير: أشكر ولي العهد وأتمنى فتح هذه المواقع للجمهور بعد ترميمها
بأسلوبه المميز شاركنا في هذا التحقيق الصحفي الأستاذ عبد العزيز الزير (أبو علي)، وهو باحث ومهتم بالرياض القديمة، وله حسابات في هذا المجال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد قسم الأستاذ الزير حديثه إلى جانبين، ففي الجانب الأول: يشكر الزير حكومتنا الرشيدة على اهتمامها بالتراث ويضيف الزير شكراً خاصاً لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع -حفظه الله- حيث أمر سموه الجهات المختصة بترميم القصور والمباني التاريخية في العاصمة الرياض وفي جميع مناطق المملكة.
وفي جانب المقترحات قال أبو علي الزير: لدي مقترح يتلخص في أنه لو تم فتح الأماكن بعد الترميم والسماح بدخول الزوار والجلوس والاستمتاع بالأجواء التي عاشها الأجداد فيها برسوم رمزية مع تقديم القهوة والشاي والمرطبات، ويكون هذا الترتيب بإشراف الجهات المعنية مثل وزارة السياحة والتراث الوطني، وغيرها من جهات الاختصاص.
المالكي: متحف ومكتبة في منطقة قصر الحكم
من جهته كان حديث الأستاذ محمد المالكي، وهو مهتم بتاريخ أحياء الرياض القديمة وتصويرها، كان حديثاً منصباً على منطقة قصر الحكم، كونها الوجهة الأولى لزوار الرياض القديمة.. يقول الأستاذ المالكي : من المقترحات التي آمل أن أراها في منطقة قصر الحكم بحكم أهمية المنطقة وتوافد الزائرين والسياح إليها هو إنشاء صالة عرض للمتاحف التراثية الشخصية، يستطيع الزائر أن يطلع على تلك المتاحف وقراءة حضارتنا من خلال ما تحتويه من آثار وتراث متنوع لمناطق المملكة.. علماً بأن هناك الكثير من المهتمين بالتراث ومقيمين في منازلهم متاحف شخصية والتي تحتوي بعضها على قطع تراثية وأثرية لم يسبق أن عرضت أو سلط الضوء عليها من قبل.. فجمعهم تحت سقف واحد سيكون إثراء معززاً لتراثنا المتنوع بتنوع ثقافة مجتمعه ومحفزاً لاستمرارية ثقافة المتاحف وتوريثها للأجيال.
ويضيف المالكي مقترحا آخر ويقول: كما آمل إنشاء مكتبة في منطقة قصر الحكم تحمل بين أرففها تراثنا الثقافي من سير رجالات الدولة ومخطوطات وموسوعات ووثائق وكتب تراثية تكون مفتوحة لزائرين والباحثين.
د. الرويس: الرياض الآن وباقي المحافظات قريباً
وتحدث بلغة المؤرخ الدكتور عبد الله بن راشد الرويس فقال بلغة الراصد والمقترح : المتابع في الفترة الماضية للجهود الكبيرة التي تقوم بها هيئة التراث، والهيئة الملكية لمدينة الرياض في ترميم الكثير من المباني والقصور التراثية في مدينة الرياض، يدرك أن هناك توجهاً كبيراً نحو مستقبل تراثي يتوافق مع رؤية المملكة الطموحة 2030 للعمل على إعادة ترميم وتأهيل مباني التراث العمراني ذات القيمة المعمارية والتاريخية، وهذا يعطينا نظرة تفاؤلية نحو توسيع دائرة الاهتمام - بحول الله - إلى محافظات منطقة الرياض التي تمتلك الكثير من المباني والقصور الملكية التي تحتاج إلى المزيد من العناية والاهتمام لتحويلها إلى مركز إشعاع ثقافي يحفظ تاريخ وتراث مملكتنا الغالية، ويكون لها مردود اجتماعي واقتصادي وسياحي يخدم سكان وزوار هذه المحافظات.
الدخيل: لابد من تشخيص مواد البناء في مبانينا التراثية
أما الأستاذ سعد الدخيل وهو باحث ومهتم بتاريخ المملكة العربية السعودية، فقد كان له رؤية أخرى، حيث يقول: تمثل عملية إعادة البناء والترميم ضرورة لبقاء المباني الأثرية وتوثيقاً لحقب تاريخية قديمة ولإبراز التاريخ الثقافي لكل مبنى، ولاشك حين نتحدث عن أهمية الترميم نتذكر مشروع سمو ولي العهد لترميم عدة مساجد استشعاراً منه -حفظه الله- بدورها المؤثر في التاريخ عامة والسعودي خاصة.
وما تقوم به بعض الجهات كهيئة التراث، والهيئة الملكية لمدينة الرياض من ترميم لقصور ومباني في الرياض ما هو إلا إيمان منها بأهمية هذه المباني، وهنا لابد من تشخيص لمواد البناء المستخدمة في المباني التراثية باستخدام الطرق والأجهزة العلمية الحديثة، وسبر تقنيات البناء القديمة المستخدمة في تشييدها، ودراسة وتشخيص عوامل ومظاهر تلف مواد البناء المستخدمة في المباني التراثية لضمان استدامتها، كما ولابد من اتباع أساليب علمية ومواد مناسبة يمكن استخدامها لتعالج المشاكل التي تتعرض لها مكونات هذه المباني كالخشب وغيره.
اللحياني: البيئة والاقتصاد والمجتمع عوامل استدامة التراث
بدورها قالت الأستاذة زكية اللحياني، وهي صاحبة تجربة ثرية في تقريب التراث التاريخي المحلي للأطفال، إنها تحمل وجهة نظر في كيفية استدامة التراث، وتساءلت:كيف يمكن أن يكون التراث مستداماً؟
وأجابت الأستاذة اللحياني على التساؤل بقولها: من قيم التراث القيمة الجمالية الشعورية يدركها معظم شعوب العالم ومنها يبدأ الإنجاز، وفي ذلك اقترح على الهيئة الملكية للتراث أن لا تكتفي بهذا الشعور لنجعل التراث مستداماً بل يجب أن نضمن الأبعاد الثلاثة ليكون مستداما وهي : البيئة والاقتصاد والمجتمع. واعتقد أن الهيئة ضمنت البيئة والمجتمع واقتراحي بالنسبة للاقتصاد اقتراح إضافة اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الرقمي للعاملين وتضمين تقنيات جديدة جاذبة للمستفيد من التراث وتكون مستدامة، مثل إضافة تقنية الهولوجرام، وصناعة محتوى رقمي مثل معارض افتراضية لكل من يرغب الاطلاع على القصور والمساجد في أي مكان وأي زمان، أيضاً العمل مع الشركاء فالاستدامة تنجح بالعمل التشاركي.