عثمان بن حمد أباالخيل
(وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَالِ
يَعِشْ أبَدَ الدَهرِ بَيْنَ الحُفرْ)
بيت شعر للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي، يجعل القلم يتردد في أن يكتب ما يمليه عليه العقل من إخفاقات يواجهها الإنسان في مسيرة حياته. القلم يريد الإنسان القوي وليس الضعيف الذي يختل توازنه من أول اختبار. إن فعل ذلك فحياة الضياع والبؤس مصيره، وإن نهض وتناسى ما حدث، وحاول الكرَّة، فالنجاح مصيره، لكن ليس على حساب الآخرين. اقتبس: (إن أي نجاح لا يتحقق إلا بفشل الآخرين هو في حقيقته هزيمة ترتدي ثياب النصر) الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي - رحمه الله -.
يقول المخترع الأمريكي توماس أديسون مخترع المصباح: (إن أمي هي التي صنعتني؛ لأنها كانت تحترمني، وتثق بي. أشعرتني بأني أهم شخص في الوجود؛ فأصبح وجودي ضروريًّا من أجلها، وعاهدت نفسي ألا أخذلها كما لم تخذلني قط).
ثقة الإنسان بنفسه هي الأرض الصلبة التي يقف عليها.. الثقة بوجود الإمكانات والأسباب التي أعطاها الله لك. وكل إنسان لديه إمكانيات دفينة في داخله، لكنها تريد أن ترى النور، وأهمها الثقة بالنفس. ثق بنفسك فسترى العالم من حولك بنظرة مختلفة، نظرة إيجابية. ولا تجلد ذاتك؛ إنه شعور سلبي، إنه سيطرة جوانب الضعف البشري على النفس، والتواني عن مقاومتها وإصلاحها والتغلب عليها.
أولئك المتقاعسون الذين لا يرضون بالنجاح النسبي تجدهم يراوحون حول أنفسهم، ولا يستطيعون صعود سلم إرضاء النفس. همسة في آذانهم: لا يوجد إنسان كامل، ولا يوجد إنسان يصل إلى قمة طموحه؛ فلكل مرحلة عمرية طموح، وأنت إنسان ولست آلة إنتاج تصل إلى 100 % من طاقتها الإنتاجية وربما أكثر.
الراضون عن أنفسهم تجدهم يعيشون حياتهم بكل جمالها، ولا يلتفتون إلى من حولهم من نجاحات؛ فالأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى.
البحث عن أعذار يكسر النفس، ويدفعها إلى الوراء. النفس تريد السمو. والقليل من الناس يتقنون السمو بها. الأعذار ما هي إلا هروب مؤقت من المشكلة. المشكلة لا تزال موجودة، لكنها تدفن نفسها. ومواجهة النفس مطلبٌ، يسعى إليه الجميع، لكنهم يختلفون في كيفية تحقيق ذلك.
السمو بالنفس هو أن تتنازل أحيانًا، وتنسحب بهدوء؛ لأن بقاءك سيخدش قيمتك مع من لا يقدّرون القيم التي تؤمن بها، وتطبقها في تفاصيل حياتك. نحن بحاجة إلى أن نسمو بأنفسنا، ونضعها في المرتبة التي نرضى بها ولا نرضى معها الهزيمة. وما أشد الهزيمة حين نكون سببًا بها.
وفي الختام: الهزيمة ليست عيبًا؛ العيب أن ننزوي، العيب أن تكون دائرة تفكيرنا ضيقة. قاوم وخطط؛ فنفسك لا تنهزم حين تعود إلى الله سبحانه وتعالى، وتنوي التغلب عليها، وأخذها إلى الطريق السوي حين تريد ذلك، لكن هذا ليس صعبًا حين تقرر ذلك.
نحن بحاجة إلى ثقافة تقبّل الهزيمة التي هي جزء من تفاصيل حياتنا. إن تقبّل الهزيمة سلوك يكشف عن مستوى وعي وثقافة الإنسان الذي تعثر في الحياة. وما أكثر المتعثرين الذين يقفون من جديد ليجنوا ثمار نجاحهم الذي وصلوا إليه واحتفلوا به..
املك روحًا رياضية عند الفوز والهزيمة.