قبل يومين سألتني زوجتي متى سنحصل على لقاح فيروس كورونا؟ كان الرد أن علينا أن ننتظر حتى يخف الزحام ولا نضطر للوقوف كثيرًا في أجواء باردة ومرهقة حتى ننهي مهمتنا، فتعجبت مما قلت، وردت أن فلانة وزوجها قد ذهبا ولم يستغرق الأمر سوى دقائق معدودة، قلت في بالي لعلها تطمئنني حتى نحصل على اللقاح ونرتاح، فكان التحدي الأول التسجيل للموعد، وقلت ربما لا نجد موعداً، وفتحت التطبيق وسجلت بياناتي وسجلت هي بياناتها، وتلقينا رسالة تأكيد بالتسجيل وسيتم إرسال رسالة للتأكد من الاستحقاق ومن ثم حجز موعد، ومضى اليوم ولم يصلني شيء حتى إذا أخذتني نشوة المنتصر إذا بضجيج الجوال يرتفع معلنًا وصول رسالة الانتصار لزوجتي العزيزة، وبدأنا الخطوات سوياً حتى إذا عجزت عن استيعاب خطوات تأكيد الموعد سحبت جوالي (كأني طفلها الصغير) وبدأت في تسجيل موعدينا بنفسها، لتختار لنا مساء الثلاثاء الساعة الثامنة مساء.
ركبنا السيارة وانطلقنا نحو الموقع المحدد في الرسالة لنصل إليه وأرى عددًا كبيرًا من السيارات، ليعود إليَّ بصيص أمل بالنصر ما لبث أن تلاشى حين وجدت مجموعات من أبناء الوطن ترشدنا إلى الطريق حتى وصلنا موقف السيارات مع زيادة لمعان أعين زوجتي وارتسام ابتسامة النصر على وجهها في حين بدأت علامات الهزيمة تطغى عليَّ لأجد نفسي أمام مبنى ضخم مجهز بكل الاحتياجات لجميع فئات المواطنين من كبار السن وذوي الهمم، يخدمهم المئات من أبناء الوطن.
توقف عقلي ونشطت ذاكرتي وعادت بي إلى الوراء ليس الوراء البعيد ولكن ربما لا يتجاوز عقد أو عقدين من الزمان حين كانت كل مستوصفاتنا ومستشفياتنا حكرًا على المقيمين ونادراً ما تجد ابنًا من أبناء الوطن، وحين تجده كنت تستغرب وتسأل: أنت سعودي؟ ليرد بفخر نعم.
والآن في ظل هذا الوباء لا تجد غير السعودي بابتسامته وترحابه وبشاشته يقدم لك كل الخدمات من الإرشاد حتى الحصول على اللقاح، بل وآلية رفع الثوب لكشف الكتف بكل أريحية ومحبة.
لقد أنهيت الزيارة والحصول على اللقاح في خمس دقائق تقريبًا مع فترة انتظار لمدة 15 دقيقة وفرت خلالها المشروبات والمياه وكراسٍ وثيرة، وقبلها ابتسامات يوزعها كل العاملين لينقلوا إليك إحساس العائلة الواحدة في ظل تقديم خدمة ربما بل أكيد تعجز كبريات الدول عن تقديم مثلها بالكفاءة نفسها والقدرة والتنظيم، فيلهج لساني حمدًا لله وأنظر لزوجتي قائلاً: موطني قد عشت فخر المسلمين، وشكراً «كوفيد- 19» فقد كنت سبباً في تألق أبناء الوطن لتصدق المقولة (من رحم المعاناة يظهر الأمل).