رقية سليمان الهويريني
أحسنت وزارة الزراعة صنعا حين قررت في وقت سابق إصدار ترخيص بتربية المواشي في الخارج واستيرادها، عبر مشاريع استثمارية وطنية بأموال رجال أعمال سعوديين وتحت إشرافهم، وإدارة شبابنا المؤهل بحيث تقام في بعض البلدان التي تتوفر فيها غزارة المياه وخصوبة المراعي ورخص الأيدي العاملة. ولكن الأحداث السياسية وما رافقها من فرض عقوبات على بعض الدول المتورطة في قضايا إرهاب، أو أمور صحية تتعلق بظهور أمراض في الحيوانات لديها؛ أصابتني بالوجل على مستقبل الأمن الغذائي في بلادنا، وانعكاس توقف استيرادها على أسعار اللحوم المحلية بارتفاع أسعارها، حيث وصل سعر كيلو اللحم لما يقارب مئة ريال لبعض أنواع الأغنام المرغوب تناولها من لدن المواطنين، وأكثر من ستين ريال للحاشي عدا ارتفاع أسعار الدواجن المضطرد مما يضيق طريق البدائل.
وأذكر أن وزير الزراعة والبيئة قد وعد بدراسة تنمية الإبل والأغنام بالأعلاف المستوردة، ولكن بعض تجار المواشي البسطاء عانوا من احتكار وشح بعض أنواع الأعلاف المستوردة، مما أوجد مشكلة في تربية المواشي وساهم بارتفاع أسعارها، وهو ما اعترف به الوزير وعزاه لعوامل العرض والطلب.
وترك أسعار المواشي لعوامل العرض والطلب دون تدخل يعد إجحافا في حق محدودي الدخل، ممن يصرفون ربع رواتبهم على توفير اللحوم لأسرهم.
ولأن الأمر يستلزم إرادة سياسية من قبل القيادة العليا؛ فإنه يتطلب إعادة النظر في احتياجاتنا الغذائية الرئيسة وعدم ربطها بالدول الصديقة أو الشقيقة، لأن الأحداث تغير سير الاستراتيجيات والخطط المستقبلية. وعلينا أن نجتهد بالبحث عن احتياجاتنا بأنفسنا ابتداء من التوعية بترشيد استهلاك اللحوم، عبر حملة رسمية وشعبية تجمع الوزارات المختصة بالصحة والتربية والفكر والثقافة ومؤسسات المجتمع ممن تستهدف نشر الوعي الصحي والاقتصادي للسكان، وانتهاء بإيجاد حلول لزراعة الأعلاف سواء من تحلية مياه البحر (برغم تكاليفه الباهظة، إلا أننا نملكه) أو الاستفادة من مياه الأمطار بحفظها في سدود بدلا من تركها تغرق الأرض، وتتسبب بمشاكل بيئية من هدم المنازل وجرف الشوارع وتخريب البنية التحتية لبعض المدن.
وأجزم أنه كما يسكنني هاجس الأمن الغذائي؛ فإنه حتما يشغل قلب القيادة.