سلمان بن محمد العُمري
قمة السخف والانحطاط ما نراه من البعض عبر مواقع التواصل ممن يقومون بتصوير آبائهم وأمهاتهم في مقاطع، ويجعلونهم أداة للسخرية والتندر، ويبعثونها عبر مواقعهم؛ ليزيدوا من عدد المشاهدين والمتابعين لهم. هذا العمل المشين من الرجال والنساء على حد سواء قد جمع القبح واللؤم من أبوابه واتجاهاته كافة.
كنا نعتب ونلوم بعض مشاهير السناب حينما يقدمون مقاطع لبسطاء، ويتعمد صاحب السناب إخراجهم؛ ليضحك عليهم ويسخر منهم مستغلاً بساطتهم وفقرهم، وملء السناب من الضحك عليهم والسخرية منهم، ثم يتهافت الناس عليه، وكأنه قدّم عملاً إعلاميًّا واجتماعيًّا عظيمًا، وهو تهريج وازدراء للضعفاء والبسطاء، ولكن نسأل الله العافية أن يتمادى هؤلاء، ويسخرون من والديهم، ويصورونهم بمقاطع تجلب الاشمئزاز، وتكون مدعاة للسخرية؛ فهذا من أشد أنواع العقوق.
لقد لحظنا نمو هذه الظاهرة، وأنها تزيد بشكل كبير خلال فترة الحجر في كورونا، وكان مشاهير السناب قبلها يتسابقون في احتفالات أصحاب الأعمال والشركات وعند افتتاح المشاريع، وحينما قلّ حضورهم في هذه المناسبات عادوا لتهريجهم وسخافتهم وسماجتهم السابقة، ولكن مع مَن؟!! مع أعز وأغلى الناس.
وللأسف إن غالبية مشاهير السناب من الرجال والنساء على هذه الشاكلة المتدنية ثقافيًّا وفكريًّا ووعيًا، ولكن ثَمّ شريحة ما زالت تقدم الجديد والمفيد، وهم قلة قليلة.
إن الملحوظ والمشاهَد انقسام الناس مع وسائل التواصل، وأصبحت الرؤية متباينة؛ فالبعض أصبحت متنفسًا له في جميع أوقاته وأزمانه، ووقته يضيع في متابعة التفاهات. وهؤلاء هم من عزز حضور السفهاء وانتشارهم؛ وبالتالي مد لهم في تزييف الوعي، والاستمرار في هذا الجهل السادر.
نعم لمواقع التواصل المفيدة، ونعم، نعم لتقدير المشاهير من المفكرين والعلماء، ونعم لتثمين اجتهاد الباحثين النجباء، ولا لتمجيد تفاهات الوضعة والسفهاء، ثم لا لتقديس فراغات ونماذج السفهاء.
ولا بد من تنبيه مَن غشيت أبصارهم الدعايات الزائفة، وأعمتهم الشعارات الخلابة الخادعة.
إنّ آفة التافهين تستشري على حساب أصحاب الذوق في المجتمع الذين يبحثون عن الأجمل، ولو أني أعتقد أنهم قليل.
أذكر قبل مدة في أحد المجالس استغرب بعض الحضور أني لم أسمع عن مجموعة من المشاهير، وذكر كنياتهم المقززة، فضلاً عن المضامين التي يبثونها!! ثم عرض مقاطع لبعضهم. ولا يحتاج الأمر إلى مخيلة واسعة ليتوقع مستوى المقاطع..!!
هؤلاء وغيرهم لا يسيئون لوالديهم ولا مجتمعهم، بل أخشى أن يكونوا قدوات المستقبل؛ فيتأثر الجيل القادم بتصرفاتهم، ويستسيغون الإساءة للوالدين والضحك عليهم. وليس الأمر ببعيد؛ فقد رأينا تأثير هؤلاء على من نحسب فيهم العقل والنضج، فكيف بالناشئة؟!