محمد لويفي الجهني
مررت على الديار والآثار والتاريخ لأوثق أيامًا مضت أقبل ذا الجدار وذا الجدار، ووقفت على أطلال عين أملج الغبايا حيث كان الماء يتدفق منها عن طريق أنفاق وسراديب عملت من مئات السنيين لاستجلاب الماء واستمراريته واستدامته، وكان من عاشوا في هذه المنطقة وعمروها يحافظون على جريان العين وينظفون المجرى الذي تسير به.
ونتيجة لذلك ولأن الماء أساس الحياة قامت على هذه العين عدد من المزارع التي كانت من مصادر الغذاء لسكان أملج، ونتيجة لذلك أُطلق على كل المنطقة مسمى العين، فشمل أسمها مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية، وهذه العين التي يعتقد أنها من عيون زبيدة التي بنيت على طريق الحاج في عام (186 هجرية)، وبعضهم ونتيجة لعظم بنائها يرجعها إلى عصور تاريخية قبل الإسلام وأمتدادًا لتاريخ الحوراء القديم، وكانت هذه العين متنزهًا لأهالي أملج يستمتعون بجريانها وخرير الماء وصوته المتدفق من أنفاقها التي بنيت من الحجر الجيري بطريقة تسر الناظرين، وأهل أملج لهم تاريخ وأشعار وذكريات مع هذه العين لا تُنسى.
واليوم وقفتُ على هذا التاريخ ومكان العين فوقفت أقلِّب النظر يمينًا وشمالاً لعلي أجد العين أو أسمع خرير الماء وإذا المنطقة أعجاز نخل هاوية.
فبكت عيني على العين وجرت دمعتي بدلاً من جريان الماء على الأرض من عين أملج، وذلك حزنًا على المكان والتاريخ الذي -للأسف- تحوَّل إلى تشوه بصري ونفسي مشمئز.
فتذكرت وتذكرت كيف كانت وكيف تحولت إلى أطلال خاوية وميتة، فمن المسؤول، هل هو الجهل بالتاريخ أو عوامل التعرية وآثار الزمان أو التغيير، فبقاء الحال من المحال?
واليوم ومحافظة أملج مقبلة على نهضة سياحية بمشروع البحر الأحمر أتمنى أن نهتم بمنطقة العين ونعيد تنظيف العين حتى تعود للجريان مرة أخرى، فهي شاهد تاريخي وسياحي مهم في تاريخ المنطقة ومنطقة جذب سياحي من قديم حيث تتميز بجمالها وهوائها العليل صيفًا وشتاء.
وكتبت ما كتبت برسالة حب ووفاء من القلب وبدمع العين من أجل العين وتاريخها وذكرياتها، وعلى يقين بأن رسالتي سوف تصل وتتحول الأنظار إلى العين لتكون منطقة جذب سياحي مرة أخرى وتجري بها المياه من جديد بعد تنظيفها وترميمها، فعلى العين جرت دمعتي، فهل وصلت رسالتي بكل تفاصيلها وأهدافها لسياحة الوطن الغالي والحبيب.