عثمان بن حمد أباالخيل
أكثر من ثلاثة عقود من الزمن أمضيتها مع عملاق الصناعة العالمية، خلال هذه الفترة تعاملت مع مديرين في المستويات الإدارية من الإدارة الوسطى إلى الإدارة العليا ونواب الرؤساء ورؤساء مجالس الإدارة والأعضاء ورؤساء شركات تابعة للعملاق العالمي. وجاءت قناعتي في حينها والآن أن القيادة في الإدارة امر ليس سهلا، هناك من يقول إن القيادة ممكن اكتسابها. هذا ما أكّده العالِم»بيتر دريكر» بقوله: (القيادة تستطيع ان تتعلمها ويجب ان تتعلمها) ومنهم من يقول إن القيادة لا يمكن اكتسابها، (لا تستطيع تعلم القيادة فالقيادة شخصية وحكمة وهما شيئان لا يمكن تعليمهما). على كل حال فالجميع يتمنون أن يكونوا قادة وليس مديرين.
(الإداري الناجح هو الذي يستطيع تنظيم الأمور على نحو لا يعود العمل بحاجة إلى وجوده) الدكتور غازي القصيبي رحمة الله. هذه حقيقة يؤمن بها المدير الناجح الواثق من نفسه وأدائه، المدير الذي يستفيد أقصى ما يمكن من قوة الآخرين، وأقل ما يمكن من ضعف الآخرين وليس الذي يعيش في برج عاجي ولا يعرف موظفيه تمام المعرفة ويقلل من شأنهم. شخصيا أو بكسر الأبراج العاجية التي تحجز المديرين عن الموظفين، مثل مديري المكاتب أو السكرتيرات والمواعيد التي تميت التحفيز عند الموظفين. للأسف هناك مديرون يدفعون بعض الموظفين إلى الاستقالة لسوء التعامل وسوء التوجيه والنقد الجارح والألفاظ المؤذية. هذا التصرف من بعض المديرين يدل على الفشل وتشويش الأفكار، هذا المدير مدمن في إعطاء الإنذارات، لديه استعداد لتوجيه اللوم الا لنفسه، يغلق على نفسه الباب ولا يقبل النصيحة، يهتم بالمظاهر، يحابي، يخاف من الموظفين المتفوقين وهذا بيت القصيد.
أتساءل كيف تقود المنظمة على اختلاف أنشطتها وحجمها وأنت لا تستطيع أن تقود نفسك، القيادة تبدأ من نفسك وحسن تصرفك لا يمكن أن تكون ناجحا في إدارة المنظمة إلا عندما تشعر بقوة الشخصية والثقة، إنّ قوة الشخصية من الخصال التي تؤدي إلى التميز. المدير التنفيذي الناجح يمتلك قدرات ومهارات وسمات شخصية متعددة منها المصداقية وإظهار قدرته على التحمل في ظل الظروف المتغيرة ووضع أهداف وأولويات واضحة وبناء العلاقات مع الزبائن، زملاء العمل، ومع الموظفين، والمخاطر المحسوبة وتنفيذ استراتيجية المنظمة والتواضع والعلاقات الإنسانية مع جميع الموظفين وامتلاك مهارات عالية جداً في التواصل والحضور والتعلم من الأخطاء والاستماع الآخرين.
في ذكرى حفل عشاء مرور خمس سنوات على تأسيس عملاق الصناعة العالمية شركة سابك في هذه الذكرى الجميلة المحفورة في الذاكرة كان رحمه الله الدكتور غازي القصيبي يتنقل بين الموظفين مبتسماً فرحاً يعطي الانطباع الإيجابي للجميع. في يوم وفاة والدتي رحمها الله تلقيت برقية عزاء من عبد العزيز بن عبد الله الزامل رحمه الله رئيس مجلس الإدارة، وفي يوم زواج ابنتي سعدت بحضور محمد الماضي حفظه الله مدير عام المشاريع آنذاك. هذه أمثلة للعلاقات الإنسانية بين القائد وموظفيه العلاقات التي تبني أواصر المحبة والإخلاص والتي هي إحدى سمات القائد الإداري الناجح.
وفي الختام أقتبس (إن الخصال التي تجعل المدير ناجحاً هي الجرأة على التفكير والجرأة على العمل والجرأة على توقع الفشل) الدكتور غازي القصيبي رحمة الله.
الجرأة سلوك مختلف عن السلوكيات العادية الأخرى المتعارف عليها بين الناس، سلوك مفعم بالحيوية والثقة بالنفس المهم تكون جرأة بناءة، جرأة إدارية بوضع النقاط على الحروف.