اعتاد الكثير من الأشخاص على ممارسة عمله وأنشطته بشكل روتيني ورتيب، بدون أي تطوير أو تحديث. فتجد شخصاً أمضى عشرين عاماً أو أكثر يعمل في شركة أو مؤسسة ودائرة حكومية اعتاد على ممارسة عمله الروتيني وبدون تكلّف، أو تغيير، يوم يمضي وآخر يأتي، وهو على نفس الأسلوب بدون أي تقدّم إلى درجة تحوّل الأمر إلى ممارسة سلوكية بدون تفكير أو تطوير في أداء العمل، وأن هذه المهنة حصر عليه والمكان أصبح شبيه بمنزله، وخصوصاً عندما يحدث نوع من الاطمئنان الوظيفي مع ضمان استلام الراتب في نهاية كل شهر.. هذه الحالة نجدها لدى الكثير من العاملين في القطاع العام والخاص، والاعتقاد بأن الأمور تمضي على هذا الحال بدون أي تغيير.. قليل من الأمور في الحياة تبقى ثابتة، لذلك لن تسير بعيداً إذا تصرفت كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمل على أمل أنها ستتفادى مواجهة التغيير وذلك ما لن يحدث. أن تكون مستعداً لأن تتأقلم هو جزء أساسي من تنظيم شؤونك واستمرارك في حياتك. إن التعامل مع التغيير هو دائماً تجربة مقلقة لأن النتيجة غير أكيدة والمخاطرة واردة دائماً في الاعتبار. لكن إذا كان ليس بإمكانك أن تتكيف مع التغييرات فسوف تتخلّف في النهاية عن القادرين على ذلك. ولعل الكثير من الموظفين السابقين في هذه المؤسسات عانوا بسبب التغيير الذي حصل في مؤسساتهم أو شركاتهم أو إداراتهم نتيجة تغير الأنظمة وتطويرها، وبالتالي طرأ أمر جديد بالنسبة لهم، ولم يستطعُ تحمّل هذه التغييرات، وبدل من التفاعل معها إيجابياً ومحاولة مواكبتها، وتطوير أنفسهم، تحوّلت حياتهم إلى كابوس، ومن فاعلين إلى أفراد خاملين يردّدون بأسف حسنات الوضع السابق، وكيف كانوا وأين أصبحوا، في الوقت الذي يعلمون أن الأمر خارج عن إرادتهم، ولا يستطيعوا أن يفعلوا شيئا تجاه التغيير. لذلك نجد البعض منهم ينتظر الفرصة بمجرد أن يجد له وظيفة أخرى في مكان آخر يقدّم استقالته، والآخر يقوم بتغيير موقع عمله في نفس الشركة إلى إدارة أخرى، والآخر ينتظر الفرج، فبدل من أن يقوم الفرد منهم بمواكبة التغيير وتطوير نفسه يبقى على وضعه، وقد تقوم المؤسسة أو الجهة التي يعمل فيها بفصله نتيجة عدم القيام بعمله المطلوب منه. وهذا يؤدي إلى إهدار فرص التنمية الحقيقية لدى المؤسسات والأفراد أيضاً، حيث أن المؤسسات قد تفقد خبرات مطلوبة لاستمرارية العمل، كما أن الفرد يفقد إمكانية الحفاظ على مسار خبرات عملية لتعدّد تنقلمن وظيفة إلى أخرى. لذلك على الفرد أن يضع إستراتيجية لمواكبة التغيير وتنفيذها حتى تساعده، ليس فقط على الاحتفاظ بوضعه الراهن، بل ليحفظ ما يصبوا إليه في المستقبل. وهناك ثلاثة طرق أساسية لمواجهة التغييرات: 1- توسيع مهاراتك عبر استمرارك في التحصيل العلمي، أي تعلّم تقنيات جديدة وتجربة أمور مختلفة. 2- زيادة مقدار معرفتك بأن تبقى متماشياً مع آخر المعلومات الداخلية والخارجية، وأن تطّلع على أحدث التطورات. 3- تطوير تصرفاتك بأن تبقى منفتح الذهن عندما ترى أن هناك طريقة أفضل من المتعارف عليها. إذا كان باستطاعتك تطوير مقدار معرفتك ومهاراتك، فسوف تكون مستعداً لمواكبة التغيير ومتهيئاً لتقبل الأفكار والأوضاع الجديدة وخاصة أن المملكة تمر بمرحلة متغيّرات اقتصادية كالاندماجات والاستحواذات وتبنّي أساليب جديدة في تطوير المشاريع والأعمال المتوسطة والصغيرة. لذا فإن تهيئة أنفسنا للتطور بهذه الصورة ضروري.
** **
- أمير بوخمسين