رمضان جريدي العنزي
كان لبس الألبسة الممزقة ولو بقدر صغير معيبًا جدًّا في حق مرتديها. اليوم تحولت الألبسة الممزقة، خاصة البناطيل من جهة الفخذين أو الركبتين، إلى ألبسة حديثة وموضة؛ يتباهى بها الناس ويتفاخرون!! إن خرجت إلى الأسواق أو الأماكن العامة قديمًا بسراويل قصيرة حد الركبة، تحتها أو فوقها بقليل، يُنظر إليك بنظرة الشك والعيب والنقص والريبة. اليوم تذهب إلى الأماكن العامة والأسواق والمجمعات فتشاهد ما كان في محل الشك والعيب والنقص والريبة يُلبس جهارًا عيانًا بيانًا. هذا الفعل مرده الهوس بالموضة؛ ربما للمباهاة، أو تحقيق الذات، أو الخروج عن القيم السائدة.. ربما قناعة شخصية، وربما لتقليد الآخرين، والعمل كمثلهم، أو تأثرًا بالدعاية والإعلان والإعلام والمشاهير.
إن الهوس بآخر الصيحات والصرعات لا يخص جنسًا دون آخر، لا الرجال دون النساء؛ فكلاهما يركض خلف هذا الوهم المستعر. كانت الملابس في الماضي ترمز إلى الانتساب الاجتماعي، والانتماء الحضاري للشخص الذي يرتديه. اليوم صارت وسيلة للتعبير عن الذات والشخصية.
إن التقليعات التي تحدث بين فترة وأخرى في اللبس أو في تصفيف شعر الرأس تعود ربما لترسبات نفسية وتربوية واجتماعية.. والغريب المثير أن هذه الارتداءات والتصفيفات لا تشكّل أي حرج لدى فاعليها، بل أصبحت محل فخر وتباهٍ.
إن الملابس المجنونة بكل أشكالها، التي تتميز بالثقوب والتمزقات، أخذت تشاهَد في المجمعات والشوارع والنوادي بشكل متنامٍ، يتنافى مع مقومات وطبيعة المجتمع المحافظ، إضافة إلى احتوائها على شعارات وأيديولوجيات تشبه الألغاز والطلاسم، من غير أن يعرف مرتديها القصد والمعنى!
إن التقليد الأعمى، والبُعد عن الهوية الوطنية لأي مجتمع، يؤثران على العقول والأفكار والثقافة، وينتجان ثقافة سمجة، وفكرًا رديئًا؛ ولهذا علينا الانتباه والحذر، وممارسة التوعية والتبيان والنصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة.