اختلفت أقوال المفسّرين في تفسير لفظَيْ: العام، والسَّنَة. فالقول الأوّل: إنّ لفظَيْ سَنَة وعام في القرآن الكريم يحملان معنى واحداً، واختلاف اللفظ ما هو إلا لبلاغة القرآن الكريم، وثراء ألفاظه، ودقّة وَصْفه، وذلك بالابتعاد عن تكرار كلمة واحدة بمواضع مختلفة. ومن القائلين بذلك الإمام الزمخشريّ، وصاحب التحرير والتنوير (المفسر الطاهر بن عاشور).
الثاني: اختلاف المعنى بين السَّنَة والعام؛ فلفظ السَّنَة يدلّ على الشقاء، ولفظ العام يدلّ على الرّخاء والخصب، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} فلفظ السَّنَة يدلّ على السِّنين التي أمضاها نبيّ الله نوح -عليه السلام- في دعوة قومه، وما كان فيها من التكذيب، والإعراض، والأذى، ثمّ بيان ما كان من عذاب الله بالمكذّبين؛ إذ أغرقهم، وأرسل عليهم الطُّوفان بسبب ظُلمهم وكُفرهم، ثمّ استُعمل لفظ عام للدلالة على ما كان بعد نجاة نوح - عليه السلام -، ومن آمن معه. ومن القائلين بذلك الراغب الأصفهانيّ، إذ قال: «الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُ السَّنَةِ فِي الْحَوْلِ الَّذِي فِيهِ الشِّدَّةُ وَالْجَدْبُ؛ وَلِهَذَا يُعَبَّرُ عَنِ الْجَدْبِ بِالسَّنَةِ، وَالْعَامُ مَا فِيهِ الرَّخَاءُ وَالْخِصْبُ». وقد كَثُرَ ذِكر لفظ عامٍ في القرآن الكريم بما يدلّ على أمور الخير، كقَوْله تعالى في سورة يُوسف: {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}.
فسنة 2020 أَفُلت وولت بما فيها من أحداث مؤلمة، ولحظات مؤلقة ، شطبت أفراحاً، وأمطرت مآسي وآلاماً، لكن المؤمن بين شكر وصبر، وخوف ورجاء.
يقول عليه الصلاة والسلام: «عجباً لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير؛ إن أصابه خير شكر فكان خيراً له، وإن أصابه شر صبر فكان خيراً له. وليس هذا إلا للمؤمن». وأهلّ علينا عام 2021، نسأل الله أن يكون عام خير وبركة، تذوب فيه الشرور، ويعم الخير كل أرجاء العام، وتصبح سنة كورونا من الماضي بحسناتها وسيئاتها، تدوَّن في التاريخ، وتتناقلها الأجيال القادمة مفتخرين بما قدمته مملكتنا العظمى للشعب والمقيمين بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله-؛ إذ جعلت سلامة الإنسان فوق كل شيء.
لله درك دولتي العظمى.