مها محمد الشريف
التساؤل الذي يطرحه العالم اليوم يُعتبر عنوانًا لكل أحداث الحملة الانتخابية، بل بات واضحًا دور «مؤثري» وسائل التواصل الاجتماعي في الانتخابات؟ وكان لها صدى كبير لدى الجماهير، لم يحققه أحد قط من السياسيين. ومع هذا التأثير نجد أن سهم شركة «تويتر» هوى في البورصات الأوروبية، وجاء ذلك بعدما أغلقت «تويتر» حساب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهائيًّا، وخسر نحو 5 مليارات دولار من قيمته السوقية بعد قرار تعليق حساب ترامب الذي يحظى بمتابعة واسعة، بحجة «تحريض جديد على العنف» من جانب الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، بعد يومين على أعمال الشغب التي قام بها عدد من أنصاره.
لطالما كان هناك اعتقاد بأن القوة الطاغية اليوم لوسائل الإعلام عادلة ومتوازنة، ولكن ما تحقق من خلال اليد الخفية لقوة الديمقراطيين عبر مواد إعلامية متنوعة له دور بارز في تشكيل الرأي العام وتكوينه؛ فقد أعلن تويتر أنه «جمد بصورة نهائية» أكثر من 70 ألف حساب مرتبطة بـ»كيو آنون»، الحركة اليمينية المتطرفة التي تؤمن بنظرية المؤامرة وتؤيد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، مشيرًا إلى أنه أزال هذه الحسابات لمنع أصحابها من استخدام المنصة للترويج للعنف.
ويشكل دعم الديمقراطية دائرة اختصاص الأيديولوجيين ووكلاء الدعاية ومجال نشاطهم في عالم الواقع؛ فقد تناقض مفهوم حرية الرأي عندهم، والخوف من التيار الشعبي كزعيم له حاليًا، ومحاولة تكميم الأفواه، وطرح تساؤل غراهام نفس: مَن يدير هذه الوسائل؟ هل يتحكم فيها الليبراليون اليساريون؟ فقد تجلى الكره والازدراء الذي يكنه الحزبان لبعضهما بشكل عام، والمنافسة الحادة بين الديمقراطيين والجمهوريين للسيطرة على مجلس الشيوخ. وفي الوقت نفسه احتفظ الديمقراطيون الأمريكيون بالأغلبية في مجلس النواب وعززوها، حسب وسائل الإعلام الأمريكية.
لنتحول إلى سؤال جوهري آخر: هل وسائل الإعلام هي القوة الحقيقية في عملية رسم السياسة وصياغتها؟ عطفًا على المبدأ الفاعل الذي جرى في بيان لتويتر بأنه «نظرًا للأحداث العنيفة التي شهدتها العاصمة واشنطن، ولتزايد مخاطر الأذى، بدأنا من عصر الجمعة تعليقًا نهائيًّا لآلاف الحسابات التي كانت مخصصة بالدرجة الأولى لتشارك محتوى كيو-آنونو، وتم تعليق أكثر من 70 ألف حساب نتيجة لجهودنا، وفي حالات كثيرة كان هناك فرد واحد يدير حسابات عدة».
يبدو أن الكثير من ذلك يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن شهد تطبيق «سيغنال» للدردشة إقبالاً متزايدًا بعد تغريدة عملاق التكنولوجيا إيلون ماسك، صاحب شركتَي تيسلا وسبيس إكس، وأثرى أثرياء العالم، التي ينصح فيها باستخدام التطبيق بدلاً -كما يبدو- من تطبيق واتس آب الشهير؛ وجرى ذلك بعد قيام الشركة بفحص تفضيلات المستخدم، وسجلات تصفحه، وتبني خوارزميات قائمة على تحليل الدردشات؛ وهو ما يعني بشكل أو بآخر خرقًا للخصوصية، كما قيل. وسيكون التحديث إجباريًّا في كل دول العالم عدا الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وسيُمنح المستخدمون الرافضون لسياسة الخصوصية خيار حذف حساباتهم.
لقد كشفت انتخابات 2020 حجم سيطرة وسائل الإعلام على العالم والدائرة التي يدور فيها؛ فكل هذا وأكثر يمكن أن يعبر بشكل مباشر ضمن إطار النظام العالمي؛ إذ بدأت تتأكد بصورة واضحة بعد خسارة ترامب في الانتخابات، في الوقت الذي تبقى فيه السياسات قديمة العهد للولايات المتحدة سياسات ثابتة، مع بعض التعديلات التكتيكية؛ فقد شهدت هذه السياسات تغييرات أساسية في عهد أوباما، لا يزال أثرها باقيًا أكثر من ذي قبل.