وفاء سعيد الأحمري
في حديث (تويتري) للزميلة دهناء الحميد ذكرت هذا النص: (طلعوا فكرة ثانية غير القهوة المختصة). وكان ردي: (وش فيها قهوة القشر والشعير؟ هي جزء من الثقافة والهوية، وتعتبر خيارًا صحيًّا. ونتمنى أن تكون حاضرة في محال الكوفي لدينا). هذا الحوار جعلني أطرح بعض الأسئلة: لماذا لا تكون ثقافتنا واضحة المعالم في مطاعمنا وأماكن القهوة لدينا؟ يوجد بعض منها متوافر، لكن ليس بالجودة العالية. وعلى سبيل المثال في إظهار الهوية في المشروبات في بعض الدول نرى قهوة القرع في الخريف واللاتيه بالزنجبيل في أوقات الكريسماس، وأيضًا وجودها في أشهر محال القهوة مثل كوستا وستار بكس. لدينا نحن أيضًا مشروبات خاصة بمناسباتنا، مثلاً قهوة الشعير والقشر في البرد، وقهوة اللوز في رأس السنة الهجرية، والسوبيا في رمضان. وما يميزنا أكثر تنوُّع إرثنا الثقافي، واختلافه من منطقة إلى أخرى.
يوجَد بعض الاجتهادات لكن نريد جودة واهتمامًا بإبراز الهوية الثقافية لدينا. كما نرى مثلاً في الخارج فندقًا أو منتجعًا على الطراز الفكتوري القديم بأدق تفاصيله، من الأكل إلى المشروبات المقدمة، والشكل والتصميم.. نريد مشاريع تُظهر تاريخنا الثقافي في كل مدينة من مدن المملكة؛ فثقافتنا وهويتنا كنز, وتنوعها قوة, والحفاظ عليها فخر وأصالة، ويجب ترسيخها في أذهان العالم والجيل القادم. فلدينا الصحراء والبحر والغابات والجبال والسهول.. ونجمع بين توافُر أماكن مميزة للسياحة في الشتاء والصيف.
هناك مشاريع ضخمة تم إعلانها، تساعد في تشكيل السياحة في السعودية بتكلفة 810 مليارات دولار، منها نيوم والقدية وأملا والبحر الأحمر ومشاريع لتطوير المتاحف.. إضافة إلى المجهود الواضح في العلا الذي كان انعقاد القمة الخليجية فيه أكبر دليل على تأصيل الثقافة والتراث لدينا. لكن نريد مثل العلا في كل مدينة من مناطق المملكة. نريد أن تبرز هويتنا الثقافية بجودة عالية في كل بقعة في مملكتنا الحبيبة. على سبيل المثال في المنطقة الجنوبية من الباحة إلى أبها وجيزان وجزيرة فرسان هناك تنوع وجمال لم يُستغلا بالشكل الصحيح. نتمنى توافُر منتجعات وفنادق تعكس ثقافة هذه المناطق من طريقة الأكل إلى المشروبات المشهورة في تلك المناطق إلى تصميم وشكل الديكور القديم. علمًا بأن أفكارًا كهذه تعتبر أفكارًا إبداعية خلاقة للجادين في التجارة وعالم البزنس.
ولقد ذكر أحد المستثمرين السعوديين - هو المهندس عبدالله سحاب - وجهة نظره بهذا الشأن في أحد الحوارات له حديثًا، وتوقعاته بتوجه التجارة في 2021 والأعوام القادمة، وأفاد بأنها سوف تتجه إلى الأمن الغذائي والمائي والتقنية، كما نوه بالتوجّه الكبير للمشاريع السياحية في السعودية تزامنًا مع الميزانية الكبيرة المعلنة للسياحة في المملكة؛ لذلك نطمح إلى أن يكون في كل مدينة من مدن المملكة نموذج كالدرعية والعلا، مع الحرص على إظهار الهوية الثقافية بأدق تفاصيلها من أغانٍ تتميز بها المنطقة إلى الأكلات والمشروبات الشعبية، مع عرض أدق تفاصيل التراث في الفنادق والمقاهي، والاهتمام بالمتاحف وإرثنا الثقافي المميز.
** **
محاضِرة بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن - باحثة دكتوراه - المملكة المتحدة