د. عبدالرحمن الشلاش
في طريقي إلى محافظة العلا أمضيتُ ثلاثة أيام في منطقة حائل الجميلة بأهلها ومكانها. كما قلت في مقالة سابقة، لا أحتاج لدعوة كي أزور أي جزء من بلادنا الغالية؛ فأنت هنا المدعو، وصاحب الدعوة، وهويتك الوطنية كارت عبورك لأي مكان ترغب في الذهاب إليه.
حائل بأهلها الكرام تستقبل كل الزائرين بالترحاب، وتفتح ذراعيها لكل قادم لديه شغف كبير للتمتع بطبيعتها الساحرة. من علامات الكرم في منطقة حائل أن شوارعها وميادينها تطرزها مجسمات المباخر والصواني ودلال القهوة والفناجيل والصواني ومرشات العطور.. تتميز حائل بكل مقومات المدينة العصرية الجاذبة من مناخٍ رائع، وأرض منبسطة على مد النظر، وطبيعة بكر، ومناطق جبلية، وأودية، ومزارع.
في فصلَي الشتاء والربيع تتحول حائل إلى عروس شمالية ساحرة، ومهوى لأفئدة كثير من هواة الرحلات البرية. لم تكن زيارتي هذه الأولى لحائل، وإنما زرتها في مرات عديدة، وعلى مدى سنوات، كان آخرها قبل ست سنوات تقريبًا، لكن في هذه الزيارة بدت لي حائل بصورة مغايرة؛ فقد لاحظت التطور في بنية المدينة التحتية، وازديادًا مطردًا في عدد السكان، وحركة كثيفة في أكثر من موقع، وتطورًا في نوعية الخدمات.
هناك تطوير لسوق برزان التاريخي، وهو مكان أحبُّ الذهاب إليه كلما قدمت لعروس الشمال ولمتنزه مشار العريق، بلمسات تضفي البريق والجمال على كل المكونات داخل المدينة العريقة. حرصتُ على أن تكون زيارتي لأكثر من موقع؛ فذهبتُ لمدينة الخطة، وهي المشهورة بكثرة المزارع. وحرصتُ على زيارة صحراء النفود عبر طريق جبة المميزة بآثارها التاريخية.
يشدك في حائل أهلها الطيبون؛ فبمجرد أن تسلّم على أحدهم يدعوك لزيارته في منزله، وتقديم واجب الضيافة؛ فتحاول أن تعتذر له بكل لطف كونك مرتبطًا بأيام محددة. في الطريق إلى جبة لفت انتباهي الخطورة الكبيرة نتيجة سلوكيات بعض السائقين المتهورين، إما بعكس الاتجاه في أكثر من حالة، أو دخول بعض السائقين إلى الطريق بصورة مفاجئة؛ وهو ما أدى إلى فوضوية الطريق الجميل جدًّا الذي شوّهته تصرفات تحتاج إلى ردع من الجهاز المعني بالمرور وأمن الطريق.
ومن الأماكن الجميلة التي زرتها حديقة الزيتون المتفردة بخصائص كثيرة جدًّا من طبيعة سهلية وجبلية، وممشى مميز، وأماكن للجلوس، وملاعب للأطفال، وترامي أطرافها، ومواقف كافية للسيارات، ودورات مياه.. وخدمات أخرى. كل هذا التكامل والجماليات يشوِّهه بعض التصرفات غير الحضارية من بعض الزوار بعدم المحافظة على نظافة المكان برمي المخلفات، إضافة إلى ضعف الصيانة، خاصة للمساحات المزروعة التي تعاني من التصحر في بعض الأجزاء، بما يؤثر على جمال المكان وروعة عروس الشمال.